الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : رب قد آتيتني من الملك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الأعمش قال : لما قال يوسف ( رب قد آتيتني من الملك ) إلى قوله : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) شكر الله له ذلك فزاد في عمره ثمانين عاما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية قال : اشتاق إلى لقاء الله وأحب أن يلحق به وبآبائه فدعا الله أن يتوفاه وأن يلحقه بهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس ولم يسأل نبي قط الموت غير يوسف فقال : ( رب قد آتيتني من الملك ) الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جريج وأنا أقول : في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 345 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : ما سأل نبي الوفاة غير يوسف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الضحاك في قوله : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) يقول : توفني على طاعتك واغفر لي إذا توفيتني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن الضحاك في قوله : ( وألحقني بالصالحين ) قال : يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة في قوله : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) قال : يعني أهل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن وهب بن منبه قال : لما أوتي يوسف من الملك ما أوتي تاقت نفسه إلى آبائه قال : ( رب قد آتيتني من الملك ) إلى قوله : ( وألحقني بالصالحين ) قال : بآبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد في «الزهد» ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال : لما قدم على يوسف أبوه وإخوته وجمع الله شمله وأقر عينه - وهو يومئذ مغموس في بيت نعيم من الدنيا - اشتاق إلى آبائه الصالحين : إبراهيم وإسحاق [ ص: 346 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ويعقوب فسأل الله القبض ولم يتمن الموت أحد قط نبي ولا غيره إلا يوسف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن عبد العزيز أن يوسف عليه السلام لما حضرته الوفاة قال : يا إخوتاه إني لم أنتصر من أحد ظلمني في الدنيا وإني كنت أحب أن أظهر الحسنة وأخفي السيئة فذلك زادي من الدنيا ، يا إخوتاه إني أشركت آبائي في أعمالهم فأشركوني معهم في قبورهم وأخذ عليهم بالميثاق فلم يفعلوا حتى بعث الله موسى فسأل عن قبره فلم يجد أحدا يخبره إلا امرأة يقال لها شارخ بنت شيرا بن يعقوب فقالت : أدلك عليه على أن أشترط عليك ، قال ذلك لك قالت : أصير شابة كلما كبرت ، قال : ذلك لك ، قالت : وأكون معك في درجتك يوم القيامة ، فكأنه امتنع فأمر أن يمضي لها ذلك ففعل فدلته عليه فأخرجه فكانت كلما كانت مثل بنت خمسين سنة صارت مثل ابنة ثلاثين سنة ، حتى عمرت عمر نسرين ألف وستمائة سنة أو ألف وأربعمائة حتى أدركها سليمان بن داود عليهما السلام فتزوجها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 347 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، عن عروة بن الزبير قال : إن الله حين أمر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل أمره أن يحتمل معه عظام يوسف عليه السلام وألا يخلفها بأرض مصر وأن يسير بها حتى يضعها بالأرض المقدسة فسأل موسى عمن يعرف موضع قبره فما وجد إلا عجوزا من بني إسرائيل فقالت : يا نبي الله أنا أعرف مكانه إن أنت أخرجتني معك ولم تخلفني بأرض مصر دللتك عليه ، قال : أفعل ، وقد كان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع القمر فدعا ربه أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف ففعل ، فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل في الماء فاستخرجه موسى صندوقا من مرمر فاحتمله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية