الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            36 - 59 - 1 - باب في وداعه - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                            14251 - عن عبد الله بن مسعود قال : نعي إلينا حبيبنا ونبينا ، بأبي هو ونفسي له الفداء ، قبل موته بست ، [ ص: 25 ] فلما دنا الفراق ، جمعنا في بيت أمنا عائشة ، فنظر إلينا ، فدمعت عيناه ، ثم قال : " مرحبا بكم ، وحياكم الله ، وحفظكم الله ، آواكم الله ، ونصركم الله ، هداكم الله ، رزقكم الله ، وفقكم الله ، سلمكم الله ، قبلكم الله ، أوصيكم بتقوى الله ، وأوصي الله بكم ، وأستخلفه عليكم ، إني لكم نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده ; فإن الله قال لي ولكم : " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " ، وقال : " أليس في جهنم مثوى للمتكبرين " . ثم قال : " قد دنا الأجل والمنقلب إلى الله ، وإلى سدرة المنتهى ، وإلى جنة المأوى ، والكأس الأوفى ، والرفيق الأعلى " . أحسبه قال : فقلنا : يا رسول الله ، فمن يغسلك إذا ؟ قال : " رجال أهل بيتي ، الأدنى فالأدنى " . قلنا : ففيم نكفنك ؟ قال : " في ثيابي هذه - إن شئتم - أو في حلة يمنية ، أو في بياض مصر " .

                                                                                            قال : فقلنا : فمن يصلي عليك منا ؟ فبكينا ، وبكى ، وقال : " مهلا ، غفر الله لكم ، وجازاكم عن نبيكم خيرا ، إذا غسلتموني ووضعتموني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري فاخرجوا عني ساعة ; فإن أول من يصلي علي خليلي وجليسي جبريل - صلى الله عليه وسلم - ثم ميكائيل ، ثم إسرافيل ، ثم ملك الموت مع جنوده ، ثم الملائكة صلى الله عليهم بأجمعها ، ثم ادخلوا علي فوجا فوجا ، فصلوا علي وسلموا تسليما ، ولا تؤذوني بباكية - أحسبه قال : - ولا صارخة ، ولا رانة ، وليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي ، ثم أنتم بعد ، وأقرئوا أنفسكم مني السلام ، ومن غاب من إخواني فأقرئوه مني السلام ، ومن دخل معكم في دينكم بعدي فإني أشهدكم أني أقرأ السلام - أحسبه قال : - عليه ، وعلى كل من تابعني على ديني ، من يومي هذا إلى يوم القيامة " . قلنا : يا رسول الله ، فمن يدخلك قبرك منا ؟ قال : " رجال أهل بيتي ، مع ملائكة كثيرة يرونكم من حيث لا ترونهم "
                                                                                            .

                                                                                            رواه البزار ، وقال : روي هذا عن مرة ، عن عبد الله ، من غير وجه ، والأسانيد عن مرة متقاربة . وعبد الرحمن لم يسمع هذا من مرة ، إنما أخبره عن مرة ، ولا نعلم رواه عن عبد الله غير مرة ، قلت : رجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ، وهو ثقة . ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه ، إلا أنه قال : قبل موته بشهر . وذكر في إسناده ضعفاء منهم : أشعث بن طابق . قال الأزدي : لا يصح حديثه . والله أعلم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية