الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 215 ] حديث حادي عشر من البلاغات

مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول يكره النوم قبل العشاء ، والحديث بعدها .

التالي السابق


وهذا وإن لم يكن فيه ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان على ذكر من لم يسم فاعله ، فإنه مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشهور محفوظ ، عند أهل الحديث من حديث أبي برزة الأسلمي وغيره .

حدثنا أحمد بن قاسم قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا هوذة بن خليفة قال : حدثنا عوف عن أبي المنهال قال : انطلقت إلى أبي برزة الأسلمي في حديث ذكره فيه طول ، قال : وقلت له حدثنا كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي المكتوبة ؟ فذكر الحديث .

قال : وكان يستحب أن تؤخر العشاء التي تدعونها العتمة ، وكان يكره النوم قبلها ، والحديث بعدها . وذكر تمام الحديث .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد وحدثنا محمد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا [ ص: 216 ] محمد بن بشار قالا جميعا : أخبرنا يحيى بن سعيد قال : حدثنا عوف قال : حدثني أبو المنهال سيار بن سلامة عن أبي برزة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النوم قبلها ، والحديث بعدها يعني العشاء الآخرة .

وهذا لفظ حديث عبد الوارث وحديث محمد بن إبراهيم أتم .

وروي من حديث علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : مررت ليلة أسري بي ، فإذا بقوم تضرب رءوسهم بالصخر ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ فقال : يا محمد من أمتك ، قلت : وما حالهم ؟ قال : كانوا ينامون عن العشاء الآخرة .

وهذا الحديث ، وإن كان إسناده ، عن علي ضعيفا فإن في حديث أبي برزة ما يقويه ، ولكن معناه - عندي - يوضح أنهم كانوا ينامون عنها ، ولا يصلونها ، والله أعلم .

وعلى هذا حمل الطحاوي قوله - صلى الله عليه وسلم - فيمن نام ليله كله حتى أصبح ، ذلك الرجل بال الشيطان في أذنه .

قال : هذا - والله أعلم - على أنه نام عن صلاة العشاء فلم يصلها ، حتى انقضى الليل كله .

واختلف العلماء في هذا الباب : فقال مالك أكره النوم قبل صلاة العشاء الآخرة ، وأكره الحديث بعدها ، وذكر أنه بلغه عن سعيد بن المسيب ما ذكرنا في هذا الباب عنه ، وذكر أيضا في الموطأ أنه بلغه أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ترسل إلى بعض أهلها بعد العتمة فتقول : ألا تريحون الكتاب .

ومذهب الشافعي في هذا الباب كمذهب مالك سواء .

[ ص: 217 ] وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الملك عن مجاهد قال : لأن أصليها وحدي أحب إلي من أن أنام قبلها ، ثم أصليها في جماعة .

قال محمد : وبه نأخذ نكره النوم قبل صلاة العشاء ، ولم يحك عن أحد من أصحابه خلافا .

وقال الثوري : ما يعجبني النوم قبلها .

وقال الليث : قول عمر بن الخطاب فيمن رقد بعد المغرب فلا أرقد الله عينه ، إنما ذلك قبل ثلث الليل الأول .

وحدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عبيد بن آدم حدثنا ثابت بن نعيم حدثنا آدم حدثنا شعبة قال : سألت الحكم عن النوم قبل صلاة العشاء في رمضان ، فقال : كانوا ينامون قبل صلاة العشاء .

وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود أنه كان يقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلتين ، وينام ما بين المغرب والعشاء .

وروي عن ابن عمر أنه كان يرقد قبل صلاة العشاء ، ويوكل من يوقظه ، وروي أنه ما كانت نومة أحب إلى علي - رضي الله عنه - من نومة بعد العشاء قبل العشاء .

قال الطحاوي : يحتمل أن تكون الكراهية عن النوم بعد دخول وقت العشاء قبل العشاء ، والإباحة قبل دخول وقتها .

[ ص: 218 ] حدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا أبو طالب محمد بن زكرياء بن أعين ببيت المقدس ، حدثنا إبراهيم بن معاوية القيسراني حدثنا محمد بن يوسف الفريابي حدثنا مسعر بن كدام عن منصور عن خيثمة عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا سمر بعد العشاء إلا لمصل ، أو مسافر .




الخدمات العلمية