الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 110 ] باب ذكر المواقيت ( 2264 ) مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله : ( وميقات أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام ومصر والمغرب من الجحفة ، وأهل اليمن من يلملم ، وأهل الطائف ونجد من قرن ، وأهل المشرق من ذات عرق ) وجملة ذلك أن المواقيت المنصوص عليها الخمسة التي ذكرها الخرقي رحمه الله وقد أجمع أهل العلم على أربعة منها ، وهي : ذو الحليفة ، والجحفة ، وقرن ، ويلملم .

                                                                                                                                            واتفق أئمة النقل على صحة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فمن ذلك ما روى ابن عباس ، قال { : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرنا ، ولأهل اليمن يلملم ، قال : فهن لهن ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ، ممن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن مهله من أهله ، وكذلك أهل مكة يهلون منها } . وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام من الجحفة ، وأهل نجد من قرن ) . قال ابن عمر : وذكر لي ولم أسمعه أنه قال : ( وأهل اليمن من يلملم ) متفق عليهما . فأما ذات عرق فميقات أهل المشرق ، في قول أكثر أهل العلم وهو مذهب مالك ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقال ابن عبد البر : أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرام من الميقات . وروي عن أنس أنه كان يحرم من العقيق . واستحسنه الشافعي ، وابن المنذر ، وابن عبد البر . وكان الحسن بن صالح يحرم من الربذة .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن خصيف والقاسم بن عبد الرحمن . وقد روى ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { وقت لأهل المشرق العقيق . } قال الترمذي : وهو حديث حسن . قال ابن عبد البر : العقيق أولى وأحوط من ذات عرق ، وذات عرق ميقاتهم بإجماع . واختلف أهل العلم في من وقت ذات عرق ، فروى أبو داود ، والنسائي ، وغيرهما ، بإسنادهم ، عن القاسم عن عائشة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق } . وعن أبي الزبير ، أنه سمع جابرا سئل عن المهل ؟ قال : سمعته - وأحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم - يقول : { مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، والطريق الآخر من الجحفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل نجد من قرن . } رواه مسلم ، في ( صحيحه ) . وقال قوم آخرون : إنما وقتها عمر رضي الله عنه فروى البخاري ، بإسناده عن ابن عمر ، قال : لما فتح هذان المصران ، أتوا عمر ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد ، قرنا ، وهو جور عن طريقنا ، وإنا إن أردنا قرنا شق علينا . قال : فانظروا حذوها من طريقكم . فحد لهم ذات عرق . [ ص: 111 ]

                                                                                                                                            ويجوز أن يكون عمر ومن سأله لم يعلموا توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق ، فقال ذلك برأيه فأصاب ، ووافق قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان كثير الإصابة رضي الله عنه وإذا ثبت توقيتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر ، فالإحرام منه أولى ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية