الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة :

                                                                                                                                                                                                              إذا كاتب عبده على مال قاطعه عليه نجوما ، فإن جعله حالا فقد اختلف فيه السلف والعلماء على قولين ، واختلف قول علمائنا باختلافهم .

                                                                                                                                                                                                              والصحيح في النظر أن الكتابة مؤجلة ، كما ورد بها الأثر في حديث بريرة حين كاتبت أهلها على تسع أواق في كل عام أوقية . وكما فعلت الصحابة ; ولذلك سميت [ ص: 399 ] كتابة ; لأنها تكتب ويشهد عليها ، فقد استوثق الاسم والأثر وعضده المعنى ; فإن المال إن جعله حالا فلا يخلو أن يكون عند العبد ، أو لا يكون عنده شيء ; فإن كان عنده ما قطعه عليه فهو مال مقاطعة وعقد مقاطعة ، لا عقد كتابة ، وإن لم يكن عند العبد مال لم يجز أن يجعل ما يكاتبه عليه حالا ; لأنه أجل مجهول فيدخله الغرر ، وتقع المنازعة عند المطالبة ; وذلك منهي عنه شرعا من جهة الغرر ، ومن جهة الدين ، مع ما فيه من مخالفة السنة . فإن قيل : إنما جعل الأجل رفقا بالعبد ; فإن شاء أن يرتفق وإلا ترك حقه .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : كل حق هو إسقاط محض وترك صرف فهو جائز ، وكل حق يترك في عقد يعود عليه بالغرر لا يجوز إجماعا . وقد أشبعنا القول في كتب الخلاف في هذه المسألة ، فمن أراده فلينظره هنالك .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية