الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 359 ] حديث تاسع وثلاثون من البلاغات

مالك ، أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تحل الصدقة لآل محمد إنما هي أوساخ الناس .

التالي السابق


وهذا حديث يرويه مالك مسندا ، رواه عنه سعيد بن داود بن أبي زند ، وجويرية بن أسماء .

وقد روي حديث مالك أيضا . وهو حديث فيه طول يستند من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب .

قرأت على عبد الوارث بن سفيان ، أن قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا أبو عبيدة بن أحمد قال : حدثنا محمد بن علي بن داود قال : حدثنا سعيد بن داود قال : حدثنا مالك بن أنس ، أن ابن شهاب حدثه أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه ، قال : اجتمع ربيعة بن الحارث ، وعباس بن عبد المطلب ، فقالا : والله لو بعثنا هذين الغلامين لي والفضل ابن عباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلماه ، فأمرهما على هذه الصدقة ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا ما يصيب الناس ، قال : فبينا هم كذلك ، جاء علي بن أبي طالب فدخل عليهما فذكرا ذلك له ، فقال علي : لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال : والله ما [ ص: 360 ] تفعل هذا إلا نفاسة علينا ، فوالله لقد نلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه عليك ، فقال : أنا أبو حسن أي قرم ، فأرسلوهما فانظروا ، ثم اضطجع ، قال : فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر سبقناه إلى الحجر ، فقمنا عندها حتى جاء ، فأخذ بأيدينا ، ثم قال : أخرجا ما تصدران ، ثم دخل ، ودخلنا عليه ، وهو يومئذ ، عند زينب بنت جحش ، قال : فتواكلنا الكلام ، ثم تكلم أحدنا فقال : يا رسول الله ، أنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على هذه الصدقات ، فنؤدي إليك ما يودي العمال ، ونصيب ما يصيبون ، قال : فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه ، حتى جعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب ، ألا تكلماه ، ثم قال : إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس ، ادعوا لي محمية وكان على الخمس ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فجاءاه فقال لمحمية أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن عباس فأنكحه ، وقال لنوفل بن الحارث : أنكح هذا الغلام لي فأنكحني ، ثم قال لمحمية : اصدق عنهما من الخمس كذا ، وكذا .

قال : ابن شهاب ، ولم يسمه لي .

وهكذا رواه جويرية بن أسماء ، عن مالك بإسناده مثله ، إلا أنه قال : أنا أبو حسن القرم ، وكذلك في حديث يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن عبد الحارث ، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنا أبو حسن القرم ، وفيه إنما الصدقة غسالة أوساخ الناس .

وحديث الزهري هذا أتم معنى ، وأحسن سياقة ، وأثبت من جهة الإسناد ، وقد تقدم في تحريم الصدقة المفروضة على محمد ، وعلى آله [ ص: 361 ] ما فيه كفاية ، وشفاء ، وبيان فيما سلف من كتابنا هذا ، والحمد لله .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الله بن حكم قالا : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا الفضل بن الحباب القاضي ، حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تحل الصدقة لمحمد ، ولا لآل محمد ، ومولى القوم من أنفسهم .

أخبرنا أحمد بن عبد الله قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو سعيد عثمان بن جرير ، وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال : حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي قالا : حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال : حدثنا يعلى بن عبيد قال : حدثنا أبو حيان التيمي ، عن يزيد بن حيان قال : قيل ليزيد بن أرقم من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة ؟ قال : آل علي ، وآل جعفر ، وآل عباس ، وآل عقيل .

قال أبو عمر :

الذي عليه جماعة أهل العلم : أن بني هاشم بأسرهم لا يحل لهم أكل الصدقات المفروضات ، أعني الزكوات ، وقد مضى من بيان هذا المعنى في باب ربيعة ، وغيره ما فيه كفاية .




الخدمات العلمية