قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=1926_19860_2425_2520_2525_2568_2584_2596_28328_28640_28723_28902_32367_32961_34232_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون (187)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660004 "كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه ": هذا مثل ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن وقع في الشبهات، وأنه يقرب وقوعه في الحرام المحض،
وفي بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وسأضرب لكم مثلا" ثم ذكر هذا الكلام، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل المحرمات كالحمى الذي تحميه الملوك، ويمنعون غيرهم من قربانه، وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حول مدينته اثني عشر ميلا حمى محرما، لا يقطع شجره، ولا يصاد صيده، وحمى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان أماكن ينبت فيها الكلأ لأجل إبل الصدقة . والله عز وجل حمى هذه المحرمات، ومنع عباده من قربانها، وسماها حدوده، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون (187) .
[ ص: 144 ] وهذا فيه بيان أنه حد لهم ما أحل لهم وما حرم عليهم، فلا يقربوا الحرام، ولا يتعدوا الحلال، ولذلك قال في آية أخرى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون وجعل من يرعى حول الحمى وقريبا منه جديرا بأن يدخل الحمى ويرتع فيه . فكذلك من تعدى الحلال، ووقع في الشبهات، فإنه قد قارب الحرام غاية المقاربة، فما أخلقه بأن يخالط الحرام المحض، ويقع فيه، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي
nindex.php?page=treesubj&link=32210_27152التباعد عن الحرمات، وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزا . وقد خرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
عبد الله بن يزيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664745 "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس" . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : تمام التقوى أن يتقي الله العبد، حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حراما، حجابا بينه وبين الحرام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : إنما سموا "المتقين " لأنهم اتقوا ما لا يتقى . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين
[ ص: 145 ] الحرام حاجزا من الحلال، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه . ويستدل بهذا الحديث من يذهب إلى
nindex.php?page=treesubj&link=22144سد الذرائع إلى المحرمات وتحريم الوسائل إليها، ويدل على ذلك أيضا من قواعد الشريعة
nindex.php?page=treesubj&link=17190تحريم قليل ما يسكر كثيره، وتحريم
nindex.php?page=treesubj&link=25018الخلوة بالأجنبية، وتحريم
nindex.php?page=treesubj&link=1493_1495الصلاة بعد الصبح وبعد العصر سدا لذريعة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها،
nindex.php?page=treesubj&link=2488ومنع الصائم من المباشرة إذا كانت تحرك شهوته، ومنع كثير من العلماء
nindex.php?page=treesubj&link=32545مباشرة الحائض فيما بين سرتها وركبتها إلا من وراء حائل، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر امرأته إذا كانت حائضا أن تتزر، فيباشرها من فوق الإزار .
ومن أمثلة ذلك وهو شبيه بالمثل الذي ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - من سيب دابته ترعى بقرب زرع غيره، فإنه ضامن لما أفسدته من الزرع، ولو كان ذلك نهارا . هذا هو الصحيح، لأنه مفرط بإرسالها في هذه الحال . وكذا الخلاف لو أرسل كلب الصيد قريبا من الحرم، فدخل الحرم فصاد فيه، ففي ضمانه روايتان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقيل: يضمنه بكل حال .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=1926_19860_2425_2520_2525_2568_2584_2596_28328_28640_28723_28902_32367_32961_34232_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660004 "كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ": هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَأَنَّهُ يَقْرُبُ وُقُوعُهُ فِي الْحَرَامِ الْمَحْضِ،
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلًا" ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلَ الْمُحَرَّمَاتِ كَالْحِمَى الَّذِي تَحْمِيهِ الْمُلُوكُ، وَيَمْنَعُونَ غَيْرَهُمْ مِنْ قُرْبَانِهِ، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوْلَ مَدِينَتِهِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى مُحَرَّمًا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهُ، وَحَمَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ أَمَاكِنَ يَنْبُتُ فِيهَا الْكَلَأُ لِأَجْلِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ . وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَمَى هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنَعَ عِبَادَهُ مِنْ قُرْبَانِهَا، وَسَمَّاهَا حُدُودَهُ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) .
[ ص: 144 ] وَهَذَا فِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُ حَدَّ لَهُمْ مَا أَحَلَّ لَهُمْ وَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَقْرَبُوا الْحَرَامَ، وَلَا يَتَعَدَّوُا الْحَلَالَ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَجَعَلَ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى وَقَرِيبًا مِنْهُ جَدِيرًا بِأَنْ يَدْخُلَ الْحِمَى وَيَرْتَعَ فِيهِ . فَكَذَلِكَ مَنْ تَعَدَّى الْحَلَالَ، وَوَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَارَبَ الْحَرَامَ غَايَةَ الْمُقَارَبَةِ، فَمَا أَخْلَقَهُ بِأَنْ يُخَالِطَ الْحَرَامَ الْمَحْضَ، وَيَقَعَ فِيهِ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي
nindex.php?page=treesubj&link=32210_27152التَّبَاعُدُ عَنِ الْحُرُمَاتِ، وَأَنْ يَجْعَلَ الْإِنْسَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَاجِزًا . وَقَدْ خَرَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664745 "لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ" . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ : تَمَامُ التَّقْوَى أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ الْعَبْدُ، حَتَّى يَتَّقِيَهُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، وَحَتَّى يَتْرُكَ بَعْضَ مَا يَرَى أَنَّهُ حَلَالٌ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا، حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَامِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ: مَا زَالَتِ التَّقْوَى بِالْمُتَّقِينَ حَتَّى تَرَكُوا كَثِيرًا مِنَ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الْحَرَامِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : إِنَّمَا سُمُّوا "الْمُتَّقِينَ " لِأَنَّهُمُ اتَّقَوْا مَا لَا يُتَّقَى . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَدَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الْحَلَالِ لَا أَخْرِقُهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ : لَا يَسْلَمُ لِلرَّجُلِ الْحَلَالُ حَتَّى يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَامِ حَاجِزًا مِنَ الْحَلَالِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : لَا يُصِيبُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
[ ص: 145 ] الْحَرَامِ حَاجِزًا مِنَ الْحَلَالِ، وَحَتَّى يَدَعَ الْإِثْمُ وَمَا تَشَابَهَ مِنْهُ . وَيَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=22144سَدِّ الذَّرَائِعِ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَتَحْرِيمِ الْوَسَائِلِ إِلَيْهَا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=17190تَحْرِيمُ قَلِيلِ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ، وَتَحْرِيمُ
nindex.php?page=treesubj&link=25018الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَتَحْرِيمُ
nindex.php?page=treesubj&link=1493_1495الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا،
nindex.php?page=treesubj&link=2488وَمَنْعُ الصَّائِمِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ إِذَا كَانَتْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، وَمَنْعُ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=32545مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ فِيمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ امْرَأَتَهُ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ، فَيُبَاشِرُهَا مِنْ فَوْقِ الْإِزَارِ .
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَثَلِ الَّذِي ضَرَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ تَرْعَى بِقُرْبِ زَرْعِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَتْهُ مِنَ الزَّرْعِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا . هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِإِرْسَالِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ . وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَ الصَّيْدِ قَرِيبًا مِنَ الْحَرَمِ، فَدَخَلَ الْحَرَمَ فَصَادَ فِيهِ، فَفِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ بِكُلِّ حَالٍ .