الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب نكاح الشغار 2693 - ( عن نافع عن ابن عمر : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار ، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق } رواه الجماعة ، لكن الترمذي لم يذكر تفسير الشغار ، وأبو داود جعله من كلام نافع ، وهو كذلك في رواية متفق عليها ) .

                                                                                                                                            2694 - ( وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا شغار في الإسلام } رواه مسلم ) .

                                                                                                                                            2695 - ( وعن أبي هريرة قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار ، والشغار أن يقول الرجل : زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي ، أو زوجني أختك وأزوجك أختي } رواه أحمد ومسلم ) .

                                                                                                                                            2696 - ( وعن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج : أن العباس بن عبد الله بن عباس [ ص: 168 ] أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته ، وأنكحه عبد الرحمن ابنته ، وقد كانا جعلاه صداقا ، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما ، وقال في كتابه : هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            2697 - ( وعن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ، ومن انتهب فليس منا } رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث معاوية في إسناده محمد بن إسحاق ، وقد تقدم اختلاف الأئمة في الاحتجاج بحديثه وفي الباب عن أنس عند أحمد والترمذي وصححه النسائي وعن جابر عند مسلم وأخرج البيهقي عن جابر أيضا نهي عن الشغار ، والشغار : أن تنكح هذه بهذه بغير صداق ، وبضع هذه صداق هذه ، وبضع هذه صداق هذه

                                                                                                                                            وأخرج عبد الرزاق عن أنس أيضا مرفوعا { لا شغار في الإسلام ، والشغار : أن يزوج الرجل الرجل أخته بأخته } .

                                                                                                                                            وأخرج أبو الشيخ من حديث أبي ريحانة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المشاغرة ، والمشاغرة : أن يقول : زوج هذا من هذه ، وهذه من هذا بلا مهر } .

                                                                                                                                            وأخرج الطبراني عن أبي بن كعب مرفوعا { لا شغار ، قالوا : يا رسول الله ، وما الشغار ؟ قال : إنكاح المرأة بالمرأة لا صداق بينهما } قال الحافظ : وإسناده وإن كان ضعيفا لكنه يستأنس به في هذا المقام

                                                                                                                                            قوله : ( الشغار ) بمعجمتين الأولى مكسورة قوله : ( والشغار أن يزوج . . . إلخ ) قال الشافعي : لا أدري التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن ابن عمر أو عن نافع أو عن مالك هكذا حكي عن الشافعي والبيهقي في المعرفة قال الخطيب : تفسير الشغار ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول مالك ، وهكذا قال غير الخطيب قال القرطبي : تفسير الشغار صحيح موافق لما ذكره أهل اللغة ، فإن كان مرفوعا فهو المقصود وإن كان من قول الصحابي فمقبول أيضا لأنه أعلم بالمقال وأقعد بالحال وللشغار صورتان : إحداهما المذكورة في الأحاديث ، وهي خلو بضع كل منهما من الصداق . والثانية : أن يشرط كل واحد من الوليين على الآخر أن يزوجه وليته ، فمن العلماء من اعتبر الأولى فقط فمنعها دون الثانية ، وليس المقتضي للبطلان عندهم مجرد ترك ذكر الصداق لأن النكاح يصح بدون تسميته ، بل المقتضي لذلك جعل البضع صداقا واختلفوا فيما إذا لم يصرح بذكر البضع فالأصح عندهم الصحة

                                                                                                                                            قال القفال : العلة في البطلان التعليق والتوقيف وكأنه يقول : لا ينعقد لك نكاح ابنتي حتى ينعقد لي نكاح [ ص: 169 ] ابنتك وقال الخطابي : كان ابن أبي هريرة يشبهه برجل تزوج امرأة ويستثني عضوا منها ، وهذا مما لا خلاف في فساده قال الحافظ : وتقرير ذلك أنه يزوج وليته ويستثني بضعه حيث يجعله صداقا للأخرى وقال المؤيد بالله وأبو طالب : العلة كون البضع صار ملكا للأخرى قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن نكاح الشغار لا يجوز ولكن اختلفوا في صحته ، فالجمهور على البطلان وفي رواية عن مالك : يفسخ قبل الدخول لا بعده وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي

                                                                                                                                            وذهبت الحنفية إلى صحته ، ووجوب المهر وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور ، هكذا في الفتح قال : وهو قوي على مذهب الشافعي لاختلاف الجهة ، لكن قال الشافعي : النساء محرمات إلا ما أحل الله أو ملك يمين ، فإذا ورد النهي عن نكاح تأكد التحريم انتهى . وظاهر ما في الأحاديث من النهي والنفي أن الشغار حرام باطل ، وهو غير مختص بالبنات والأخوات قال النووي : أجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ وغيرهن كالبنات في ذلك انتهى

                                                                                                                                            وتفسير الجلب والجنب قد تقدم في الزكاة




                                                                                                                                            الخدمات العلمية