1234 [ ص: 65 ] ( 23 ) باب ما جاء في نفقة المطلقة
1190 - مالك ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، عن ، أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أن فاطمة بنت قيس أبا عمرو [ ص: 66 ] بن حفص طلقها البتة ، وهو غائب بالشام ، فأرسل إليها وكيله بشعير ، فسخطته . فقال : والله ما لك علينا من شيء . فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك فقال " ليس لك عليه نفقة " ، وأمرها أن تعتد في بيت ، ثم قال " تلك امرأة يغشاها أصحابي " . اعتدي عند أم شريك . فإنه رجل أعمى . تضعين ثيابك عنده ، فإذا حللت فآذنيني " قالت : فلما حللت ذكرت له أن عبد الله بن أم مكتوم ، معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه . وأما معاوية فصعلوك لا مال له . انكحي " قالت : فكرهته . ثم قال : " انكحي أسامة بن زيد " فنكحته . فجعل الله في ذلك خيرا ، واغتبطت به أسامة بن زيد . عن
[ ص: 67 ] 1191 - مالك : أنه سمع يقول : ابن شهاب ، وليست لها نفقة . إلا أن تكون حاملا ، فينفق عليها ، حتى تضع حملها . المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل
قال مالك : وهذا الأمر عندنا .
التالي
السابق
26861 - قال أبو عمر : أما قول فاطمة في هذا الحديث أن زوجها طلقها البتة ، ففيه ; لأنه لم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . جواز طلاق البتة
26862 - ولم يختلف في هذا اللفظ عن مالك في هذا الحديث .
26863 - وكذلك رواه الليث ، عن ، عن الأعرج أبي سلمة ، عن فاطمة .
26864 - وكذلك رواه محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة .
[ ص: 68 ] 26865 - وكذلك رواه مجالد ، عن ، عن الشعبي فاطمة .
26866 - وكذلك رواه الليث ، عن أبي الزبير ، عن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص : أن جده طلق فاطمة البتة .
26867 - وقد روي أنه طلقها ثلاثا مجتمعات .
26868 - وروي عنه أن طلاقه ذلك كان آخر ثلاث تطليقات .
26869 - وقد ذكرنا الآثار بذلك كله في " التمهيد " وذكرنا هذه المسألة مجودة في أول كتاب الطلاق ، والحمد لله .
26870 - وفي هذا الحديث نص ثابت : أن المبتوتة ليس لها نفقة على زوجها الذي بت طلاقها ، وهذا إذا لم تكن حاملا فإن كانت المبتوتة حاملا ، فالنفقة [ ص: 69 ] لها بإجماع من العلماء ; لقول الله - عز وجل - في المطلقات المبتوتات : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [ الطلاق : 6 ] .
26871 - وهذا لا شك في المبتوتات ; لأن اللواتي لأزواجهن عليهن الرجعة ، لا خلاف بين علماء الأمة في أن النفقة لهن ، وسائر المؤنة على أزواجهن ، حوامل كن ، أو غير حوامل ; لأنهن في حكم الزوجات في النفقة ، والسكنى والميراث ما كن في العدة .
26872 - وهذا بين واضح في أن قوله - عز وجل - : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [ الطلاق : 6 ] أنهن المبتوتات .
26873 - واختلف العلماء في . النفقة للمبتوتة إذا لم تكن حاملا
26874 - فأباها قوم ، وهم أهل الحجاز ، منهم : مالك . . الشافعي
26875 - وتابعهم على ذلك أحمد ، وإسحاق ، ، وأبو ثور وأبو عبيد .
26876 - وحجتهم هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة " " . ليس لك عليه نفقة
26877 - وهو حديث مروي من وجوه صحاح متواترة عن فاطمة .
26878 - وممن قال : إن المبتوتة لا نفقة لها إن لم تكن حاملا : ، عطاء بن أبي رباح ، وابن شهاب وسعيد بن المسيب ، ، وسليمان بن يسار . والحسن البصري
[ ص: 70 ] 26879 - وبه قال ، الليث بن سعد ، والأوزاعي وابن أبي ليلى .
26880 - حدثنا عبد الوارث بن أبي سفيان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ مطلب بن شعيب ، قال : أخبرنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني ، عن عقيل بن خالد ، قال : أخبرني ابن شهاب : أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف فاطمة بنت قيس - وهي أخت الضحاك بن قيس - أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة ، فطلقها ثلاثا ، وأمر وكيله لها بنفقة ، رغبت عنها ، فقال وكيله : ما لك علينا من نفقة ، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك ، فقال لها : صدق ، ونقلها إلى ، ابن أم مكتوم وذكر تمام الخبر . أن
26881 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، ، والثوري : لكل مطلقة السكنى ، والنفقة ما دامت في العدة حاملا كانت أو غير حامل ، مبتوتة أو رجعية . والحسن بن حي
26882 - وهو قول ، عثمان البتي . وابن شبرمة
26883 - وحجتهم في ذلك أن - رضي الله عنه - عمر بن الخطاب قالا في المطلقة ثلاثا : لها السكنى والنفقة ما كانت في العدة . وعبد الله بن مسعود
26884 - حدثنا ، قال : حدثني عبد الوارث بن سفيان قال : [ ص: 71 ] حدثنا قاسم بن أصبغ ، محمد بن شاذان ، قال : حدثنا المعلى ، قال : حدثنا ، عن حفص بن غياث ، عن الأعمش إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر قال : المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة ما دامت في العدة .
26885 - وذكر عبد الرزاق ، عن ، عن الثوري عن سلمة بن كهيل ، ، الشعبي ، قالت : طلقني زوجي ثلاثا ، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته ، فقال : " لا نفقة لك ، ولا سكنى " فاطمة بنت قيس . عن
26886 - حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد بن شاذان ، قال : حدثني المعلى ، قال : حدثني يعقوب عن ، عن الأعمش إبراهيم ، عن الأسود ، عن أنه كان يقول : لا يجوز في دين المسلمين قول امرأة ، وكان يجعل للمطلقة ثلاثا : السكنى ، والنفقة . عمر بن الخطاب
[ ص: 72 ] 26887 - وروى شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن شريح في المطلقة ثلاثا ، قال : لها النفقة ، والسكنى .
26888 - وقالت طائفة : المطلقة المبتوتة إن لم تكن حاملا لا سكنى لها ، ولا نفقة ، منهم : ، الشعبي ، وميمون بن مهران وعكرمة ، ورواية عن الحسن .
26889 - وروي ذلك عن علي ، ، وابن عباس . وجابر بن عبد الله
26890 - وبه قال ، أحمد بن حنبل وإسحاق ، ، وأبو ثور وداود .
26891 - حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني محمد بن شاذان ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا المعلى بن منصور أبو عوانة ، عن مطرف ، عن عامر ، قال : عن المرأة يطلقها زوجها ثلاثا ، فقالت : [ ص: 73 ] طلقني زوجي ثلاثا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت النبي - عليه السلام - فلم يجعل لي سكنى ، ولا نفقة فاطمة بنت قيس ، فقيل سألت لعامر : إن عمر لم يصدقها ، فقال عامر : ألا تصدق امرأة فقيهة نزل بها هذا ؟
26892 - وروى مجاهد وغيره هذا الحديث عن ، فزاد فيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : الشعبي " . " لا سكنى لك ، ولا نفقة ، إنما السكنى ، والنفقة لمن لزوجها عليها رجعة
26893 - وحدثني ، أحمد بن القاسم ، قالا : حدثني وعبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثني يزيد بن هارون ، عن أبيه ، قال : عمرو بن ميمون بن مهران ، فسألته ، فقال : إنك لتسأل سؤال رجل قد تبحر في العلم قبل اليوم ، قال : قلت : إني بأرض أسأل بها ، قال : فكيف وجدت ما أفتيتك به مما يفتيك به غيري ممن سألت من العلماء ؟ قلت : وافقتهم إلا في فريضة واحدة ، قال : وما هي ؟ قلت سألتك عن المطلقة ثلاثا ، أتعتد في بيت زوجها أم تنتقل إلى أهلها ؟ فقلت : تعتد في بيت زوجها ، وقد كان من أمر سعيد بن المسيب ما قد علمت ، فقال فاطمة بنت قيس سعيد : تلك امرأة فتنت الناس ، وسأخبرك عن شأنها : إنها لما طلقت استطالت على أحمائها ، وآذتهم بلسانها ، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقل إلى ، قال : لئن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها بذلك ، إن لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة مع أنها أحرم الناس عليه ، ليس له عليها رجعة ، ولا بينهما ميراث ابن أم مكتوم . جلست إلى
[ ص: 74 ] 26894 - قال أبو عمر : قد ذكرنا من الحجة لهذا القول ، وغيره في " التمهيد " ما فيه شفاء لمن طلب العلم لله - عز وجل - .
[ ص: 75 ] [ ص: 76 ] 26895 - وأما قوله : ، ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي : اعتدي في بيت أم شريك . ابن أم مكتوم اعتدي في بيت
[ ص: 77 ] 26896 - ففيه دليل على أن المرأة المتجالة العجوز الصالحة جائز أن يغشاها الرجال في بيتها ، ويتحدثون عندها ، وكذلك لها أن تغشاهم في بيوتهم ، ويرونها ، وتراهم فيما يحل ، ويجمل ، وينفع ، ولا يضر .
26897 - قال الله - عز وجل - : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة [ النور : 60 ] .
26898 - والغشيان في كلام العرب : الإلمام والورود .
26899 - قال : حسان بن ثابت
26901 - وفي رواية في هذا الحديث في الشعبي : تلك امرأة يتحدث عندها . أم شريك
26902 - وفي رواية أبي بكر بن أبي الجهم أن بيت يغشى . أم شريك
26903 - وفي حديث ابن الزبير أن بيت يوطأ . أم شريك
[ ص: 78 ] 26904 - وقد ذكرنا الأسانيد بهذه الألفاظ في " التمهيد " .
26905 - وفي ذلك دليل على أن القوم كانوا يتحدثون بالمعاني .
26906 - وفي رواية ، عن ابن عيينة مجالد ، عن عن الشعبي ، في هذا الحديث ، قالت : فاطمة بنت قيس ، وأشار أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستتر مني بيده على وجهه . سفيان بن عيينة
26907 - وفي حديث قيلة بنت مخرمة في قدومها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ بيده خلفه ، وقال - ولم ينظر إلي : يا مسكينة عليك السكينة .
26908 - وفي حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بريدة الأسلمي لعلي - رضي الله عنه - : " . لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الآخرة
26909 - وقال جرير : ؟ فقال : " غض [ ص: 79 ] بصرك " . نظر الفجاءة
26910 - وهذه الآثار ، وما كان مثلها في معناها يدلك على أن سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عند لفاطمة بنت قيس ، تضعين ثيابك ، ولا يراك ابن أم مكتوم ، أراد به الإعلان بأن نظر الرجل إلى المرأة ، وتأمله لها ، وتكرار بصره في ذلك لا يجوز له ; لما فيه من داعية الفتنة . قوله - صلى الله عليه وسلم -
26911 - وفي حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ، فإنه رجل قد ذهب بصره ، فإن وضعت شيئا من ثيابك لم ير شيئا ابن أم مكتوم . انتقلي إلى بيت
26912 - وفي هذا الحديث دليل على ، وكونها معه ، وإن لم تكن ذات محرم منه في دار واحدة ، وبيت واحد ، وفي ذلك ما يرد حديث نبهان - مولى جواز نظر المرأة إلى الرجل الأعمى - عن أم سلمة ، قالت : أم سلمة وميمونة جالستين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن عليه الأعمى ، فقال : احتجبا منه ، فقلنا : يا رسول الله ، أليس بأعمى ، ولا يبصرنا ؟ قال فعمياوان [ ص: 80 ] أنتما ابن أم مكتوم ؟ . كنت أنا
26913 - ففي هذا الحديث نهيه عن نظرهما إلى ، وفي حديث ابن أم مكتوم فاطمة إباحة نظرها إليه .
26914 - ويشهد لحديث نبهان هذا ظاهر قول الله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [ النور : 31 ] كما قال : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [ النور : 30 ] .
26915 - ويشهد لذلك من طريق الغيرة أن نظرها إليه كنظره إليها .
26916 - وقد قال بعض الأعراب : لأن ينظر إلى وليتي عشرة رجال ، خير من أن تنظر هي إلى رجل واحد .
26917 - ومن قال بحديث فاطمة احتج بصحة إسناده ، وأنه لا مطعن لأحد من أهل العلم بالحديث فيه ، وقال : إن نبهان - مولى أم سلمة - ليس ممن يحتج [ ص: 81 ] بحديثه ، وزعم أنه لم يرو إلا حديثين منكرين .
( أحدهما ) : هذا .
( والآخر ) : عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة
26918 - ومن صحح حديث في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي به كتابته ، احتجبت منه سيدته . نبهان ، قال : إنه معروف ، وقد روى عنه ، ولم يأت بمنكر . ابن شهاب
26919 - وزعم أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحجاب لسن كسائر النساء .
[ ص: 82 ] 26920 - قال الله - عز وجل - : يانساء النبي لستن كأحد من النساء . . . . . . . الآية [ الأحزاب : 32 ] .
26921 - وقال : إن نساء النبي - عليه السلام - لا يكلمن إلا من وراء حجاب متجالات كن ، أو غير متجالات .
26922 - وقال : الستر ، والحجاب عليهن أشد منه على غيرهن ; لظاهر القرآن ، وحديث نبهان عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . أم سلمة
26923 - وأما قولها : إن أبا معاوية ، وأبا جهم بن هشام خطباني ، فقد وهم فيه يحيى بن يحيى صاحبنا ، وغلط غلطا سمحا ; لأنه ليس في الصحابة أحد يقال له : أبو جهم بن هشام ، ولا قاله أحد من رواة مالك لهذا الحديث ، ولا غير مالك . وإنما هو أبو جهم هكذا جاء ذكره في هذا الحديث عند جماعة رواته غير منسوب ، وهو أبو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي القرشي ، وقد ذكرناه في كتابنا في الصحابة بما يكفي من ذلك من ذكره ، وأظن يحيى شبه [ ص: 83 ] عليه بأبي جهل بن هشام ، والله أعلم .
26924 - وفي ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإنكار على فاطمة ، وقولها : إن معاوية ، وأبا جهم خطباني ، ولا أنكر عليها ذلك ، بل خطبها مع ذلك دليل على صحة ما قدمنا ذكره في أول كتاب النكاح عن لأسامة بن زيد مالك ، وغيره من العلماء أن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس على ظاهره ، وأن المعنى فيه الركون ، والميل والمقاربة ، فإذا كان ذلك ; لم يجز حينئذ أن يخطب أحد على خطبة أخيه ، وهذا في معنى نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع الرجل على بيع أخيه . أن يخطب الرجل على خطبة أخيه
[ ص: 84 ] 26925 - وفي هذا الحديث دليل على أن ، فليس بمغتاب . من أخبر على أخيه لمن يستنصحه فيه عند الخطبة ; لما هو عليه من الخلق المذموم المعيب
[ ص: 85 ] 26926 - وأما قوله ذلك ليس بغيبة ، وأنه جائز حسن من النصيحة التي هي الدين .
26927 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
26928 - وفي هذا الباب إذا استنصح أحدكم أخاه ، فلينصح له ، فإن الدين النصيحة لله - عز وجل - ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم " . لينفذ القضاء فيه بما أمره الله - عز وجل - به من رد شهادته للفسق ، أو قبولها للعدالة . سؤال الحاكم عن الشاهد عنده ، فواجب على المسئول أن يقول فيه الحق الذي يعلمه
26929 - وفي قوله : صعلوك ، لا مال له دليل على أن ، وخصال الناكح ، وأن الفقر من عيوبه ، وأنه لو بين ، أو عرف ذلك منه ، ورضي به لجاز كسائر العيوب . المال من واجبات النكاح
26930 - وأما قوله : لا يضع عصاه عن عاتقه ، ففيه دليل على أن ، المفرط في الوصف لا يلحقه الكذب . والمبالغ في النعت بالصدق لا يدركه الذم
26931 - ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في أبي جهم : ، وهو قد ينام ، ويصلي ، ويأكل ، ويشرب ، ويشتغل بما يحتاج إليه من شغله في دنياه . لا يضع عصاه عن [ ص: 86 ] عاتقه
26932 - وإنما أراد المبالغة في أدب النساء باللسان واليد ، وربما يحسن الأدب بمثله ، كما يصنع الوالي في رعيته .
26933 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
26934 - وروي عنه - عليه السلام - أنه قال : أنه قال لرجل أوصاه : لا ترفع عصاك عن أهلك ، وأخفهم في الله - عز وجل - . . علق سوطك حيث يراه أهلك
[ ص: 87 ] 26935 - والعرب تكني بالعصاة عن أشياء كثيرة منها : الطاعة ، والألفة ، ومنها : الإخافة ، والشدة .
26936 - وقد أشبعنا هذا المعنى في " التمهيد " ، وأتينا بما قيل في معنى العصا ، أو وجوهها بالشواهد في الشعر ، وغيره هناك ، والحمد لله تعالى .
26862 - ولم يختلف في هذا اللفظ عن مالك في هذا الحديث .
26863 - وكذلك رواه الليث ، عن ، عن الأعرج أبي سلمة ، عن فاطمة .
26864 - وكذلك رواه محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة .
[ ص: 68 ] 26865 - وكذلك رواه مجالد ، عن ، عن الشعبي فاطمة .
26866 - وكذلك رواه الليث ، عن أبي الزبير ، عن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص : أن جده طلق فاطمة البتة .
26867 - وقد روي أنه طلقها ثلاثا مجتمعات .
26868 - وروي عنه أن طلاقه ذلك كان آخر ثلاث تطليقات .
26869 - وقد ذكرنا الآثار بذلك كله في " التمهيد " وذكرنا هذه المسألة مجودة في أول كتاب الطلاق ، والحمد لله .
26870 - وفي هذا الحديث نص ثابت : أن المبتوتة ليس لها نفقة على زوجها الذي بت طلاقها ، وهذا إذا لم تكن حاملا فإن كانت المبتوتة حاملا ، فالنفقة [ ص: 69 ] لها بإجماع من العلماء ; لقول الله - عز وجل - في المطلقات المبتوتات : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [ الطلاق : 6 ] .
26871 - وهذا لا شك في المبتوتات ; لأن اللواتي لأزواجهن عليهن الرجعة ، لا خلاف بين علماء الأمة في أن النفقة لهن ، وسائر المؤنة على أزواجهن ، حوامل كن ، أو غير حوامل ; لأنهن في حكم الزوجات في النفقة ، والسكنى والميراث ما كن في العدة .
26872 - وهذا بين واضح في أن قوله - عز وجل - : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [ الطلاق : 6 ] أنهن المبتوتات .
26873 - واختلف العلماء في . النفقة للمبتوتة إذا لم تكن حاملا
26874 - فأباها قوم ، وهم أهل الحجاز ، منهم : مالك . . الشافعي
26875 - وتابعهم على ذلك أحمد ، وإسحاق ، ، وأبو ثور وأبو عبيد .
26876 - وحجتهم هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة " " . ليس لك عليه نفقة
26877 - وهو حديث مروي من وجوه صحاح متواترة عن فاطمة .
26878 - وممن قال : إن المبتوتة لا نفقة لها إن لم تكن حاملا : ، عطاء بن أبي رباح ، وابن شهاب وسعيد بن المسيب ، ، وسليمان بن يسار . والحسن البصري
[ ص: 70 ] 26879 - وبه قال ، الليث بن سعد ، والأوزاعي وابن أبي ليلى .
26880 - حدثنا عبد الوارث بن أبي سفيان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ مطلب بن شعيب ، قال : أخبرنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني ، عن عقيل بن خالد ، قال : أخبرني ابن شهاب : أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف فاطمة بنت قيس - وهي أخت الضحاك بن قيس - أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة ، فطلقها ثلاثا ، وأمر وكيله لها بنفقة ، رغبت عنها ، فقال وكيله : ما لك علينا من نفقة ، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك ، فقال لها : صدق ، ونقلها إلى ، ابن أم مكتوم وذكر تمام الخبر . أن
26881 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، ، والثوري : لكل مطلقة السكنى ، والنفقة ما دامت في العدة حاملا كانت أو غير حامل ، مبتوتة أو رجعية . والحسن بن حي
26882 - وهو قول ، عثمان البتي . وابن شبرمة
26883 - وحجتهم في ذلك أن - رضي الله عنه - عمر بن الخطاب قالا في المطلقة ثلاثا : لها السكنى والنفقة ما كانت في العدة . وعبد الله بن مسعود
26884 - حدثنا ، قال : حدثني عبد الوارث بن سفيان قال : [ ص: 71 ] حدثنا قاسم بن أصبغ ، محمد بن شاذان ، قال : حدثنا المعلى ، قال : حدثنا ، عن حفص بن غياث ، عن الأعمش إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر قال : المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة ما دامت في العدة .
26885 - وذكر عبد الرزاق ، عن ، عن الثوري عن سلمة بن كهيل ، ، الشعبي ، قالت : طلقني زوجي ثلاثا ، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته ، فقال : " لا نفقة لك ، ولا سكنى " فاطمة بنت قيس . عن
26886 - حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد بن شاذان ، قال : حدثني المعلى ، قال : حدثني يعقوب عن ، عن الأعمش إبراهيم ، عن الأسود ، عن أنه كان يقول : لا يجوز في دين المسلمين قول امرأة ، وكان يجعل للمطلقة ثلاثا : السكنى ، والنفقة . عمر بن الخطاب
[ ص: 72 ] 26887 - وروى شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن شريح في المطلقة ثلاثا ، قال : لها النفقة ، والسكنى .
26888 - وقالت طائفة : المطلقة المبتوتة إن لم تكن حاملا لا سكنى لها ، ولا نفقة ، منهم : ، الشعبي ، وميمون بن مهران وعكرمة ، ورواية عن الحسن .
26889 - وروي ذلك عن علي ، ، وابن عباس . وجابر بن عبد الله
26890 - وبه قال ، أحمد بن حنبل وإسحاق ، ، وأبو ثور وداود .
26891 - حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني محمد بن شاذان ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا المعلى بن منصور أبو عوانة ، عن مطرف ، عن عامر ، قال : عن المرأة يطلقها زوجها ثلاثا ، فقالت : [ ص: 73 ] طلقني زوجي ثلاثا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت النبي - عليه السلام - فلم يجعل لي سكنى ، ولا نفقة فاطمة بنت قيس ، فقيل سألت لعامر : إن عمر لم يصدقها ، فقال عامر : ألا تصدق امرأة فقيهة نزل بها هذا ؟
26892 - وروى مجاهد وغيره هذا الحديث عن ، فزاد فيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : الشعبي " . " لا سكنى لك ، ولا نفقة ، إنما السكنى ، والنفقة لمن لزوجها عليها رجعة
26893 - وحدثني ، أحمد بن القاسم ، قالا : حدثني وعبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثني يزيد بن هارون ، عن أبيه ، قال : عمرو بن ميمون بن مهران ، فسألته ، فقال : إنك لتسأل سؤال رجل قد تبحر في العلم قبل اليوم ، قال : قلت : إني بأرض أسأل بها ، قال : فكيف وجدت ما أفتيتك به مما يفتيك به غيري ممن سألت من العلماء ؟ قلت : وافقتهم إلا في فريضة واحدة ، قال : وما هي ؟ قلت سألتك عن المطلقة ثلاثا ، أتعتد في بيت زوجها أم تنتقل إلى أهلها ؟ فقلت : تعتد في بيت زوجها ، وقد كان من أمر سعيد بن المسيب ما قد علمت ، فقال فاطمة بنت قيس سعيد : تلك امرأة فتنت الناس ، وسأخبرك عن شأنها : إنها لما طلقت استطالت على أحمائها ، وآذتهم بلسانها ، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقل إلى ، قال : لئن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها بذلك ، إن لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة مع أنها أحرم الناس عليه ، ليس له عليها رجعة ، ولا بينهما ميراث ابن أم مكتوم . جلست إلى
[ ص: 74 ] 26894 - قال أبو عمر : قد ذكرنا من الحجة لهذا القول ، وغيره في " التمهيد " ما فيه شفاء لمن طلب العلم لله - عز وجل - .
[ ص: 75 ] [ ص: 76 ] 26895 - وأما قوله : ، ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي : اعتدي في بيت أم شريك . ابن أم مكتوم اعتدي في بيت
[ ص: 77 ] 26896 - ففيه دليل على أن المرأة المتجالة العجوز الصالحة جائز أن يغشاها الرجال في بيتها ، ويتحدثون عندها ، وكذلك لها أن تغشاهم في بيوتهم ، ويرونها ، وتراهم فيما يحل ، ويجمل ، وينفع ، ولا يضر .
26897 - قال الله - عز وجل - : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة [ النور : 60 ] .
26898 - والغشيان في كلام العرب : الإلمام والورود .
26899 - قال : حسان بن ثابت
يغشون حتى ما تهر كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل
26901 - وفي رواية في هذا الحديث في الشعبي : تلك امرأة يتحدث عندها . أم شريك
26902 - وفي رواية أبي بكر بن أبي الجهم أن بيت يغشى . أم شريك
26903 - وفي حديث ابن الزبير أن بيت يوطأ . أم شريك
[ ص: 78 ] 26904 - وقد ذكرنا الأسانيد بهذه الألفاظ في " التمهيد " .
26905 - وفي ذلك دليل على أن القوم كانوا يتحدثون بالمعاني .
26906 - وفي رواية ، عن ابن عيينة مجالد ، عن عن الشعبي ، في هذا الحديث ، قالت : فاطمة بنت قيس ، وأشار أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستتر مني بيده على وجهه . سفيان بن عيينة
26907 - وفي حديث قيلة بنت مخرمة في قدومها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ بيده خلفه ، وقال - ولم ينظر إلي : يا مسكينة عليك السكينة .
26908 - وفي حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بريدة الأسلمي لعلي - رضي الله عنه - : " . لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى ، وليست لك الآخرة
26909 - وقال جرير : ؟ فقال : " غض [ ص: 79 ] بصرك " . نظر الفجاءة
26910 - وهذه الآثار ، وما كان مثلها في معناها يدلك على أن سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عند لفاطمة بنت قيس ، تضعين ثيابك ، ولا يراك ابن أم مكتوم ، أراد به الإعلان بأن نظر الرجل إلى المرأة ، وتأمله لها ، وتكرار بصره في ذلك لا يجوز له ; لما فيه من داعية الفتنة . قوله - صلى الله عليه وسلم -
26911 - وفي حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ، فإنه رجل قد ذهب بصره ، فإن وضعت شيئا من ثيابك لم ير شيئا ابن أم مكتوم . انتقلي إلى بيت
26912 - وفي هذا الحديث دليل على ، وكونها معه ، وإن لم تكن ذات محرم منه في دار واحدة ، وبيت واحد ، وفي ذلك ما يرد حديث نبهان - مولى جواز نظر المرأة إلى الرجل الأعمى - عن أم سلمة ، قالت : أم سلمة وميمونة جالستين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن عليه الأعمى ، فقال : احتجبا منه ، فقلنا : يا رسول الله ، أليس بأعمى ، ولا يبصرنا ؟ قال فعمياوان [ ص: 80 ] أنتما ابن أم مكتوم ؟ . كنت أنا
26913 - ففي هذا الحديث نهيه عن نظرهما إلى ، وفي حديث ابن أم مكتوم فاطمة إباحة نظرها إليه .
26914 - ويشهد لحديث نبهان هذا ظاهر قول الله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [ النور : 31 ] كما قال : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [ النور : 30 ] .
26915 - ويشهد لذلك من طريق الغيرة أن نظرها إليه كنظره إليها .
26916 - وقد قال بعض الأعراب : لأن ينظر إلى وليتي عشرة رجال ، خير من أن تنظر هي إلى رجل واحد .
26917 - ومن قال بحديث فاطمة احتج بصحة إسناده ، وأنه لا مطعن لأحد من أهل العلم بالحديث فيه ، وقال : إن نبهان - مولى أم سلمة - ليس ممن يحتج [ ص: 81 ] بحديثه ، وزعم أنه لم يرو إلا حديثين منكرين .
( أحدهما ) : هذا .
( والآخر ) : عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة
26918 - ومن صحح حديث في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي به كتابته ، احتجبت منه سيدته . نبهان ، قال : إنه معروف ، وقد روى عنه ، ولم يأت بمنكر . ابن شهاب
26919 - وزعم أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحجاب لسن كسائر النساء .
[ ص: 82 ] 26920 - قال الله - عز وجل - : يانساء النبي لستن كأحد من النساء . . . . . . . الآية [ الأحزاب : 32 ] .
26921 - وقال : إن نساء النبي - عليه السلام - لا يكلمن إلا من وراء حجاب متجالات كن ، أو غير متجالات .
26922 - وقال : الستر ، والحجاب عليهن أشد منه على غيرهن ; لظاهر القرآن ، وحديث نبهان عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . أم سلمة
26923 - وأما قولها : إن أبا معاوية ، وأبا جهم بن هشام خطباني ، فقد وهم فيه يحيى بن يحيى صاحبنا ، وغلط غلطا سمحا ; لأنه ليس في الصحابة أحد يقال له : أبو جهم بن هشام ، ولا قاله أحد من رواة مالك لهذا الحديث ، ولا غير مالك . وإنما هو أبو جهم هكذا جاء ذكره في هذا الحديث عند جماعة رواته غير منسوب ، وهو أبو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي القرشي ، وقد ذكرناه في كتابنا في الصحابة بما يكفي من ذلك من ذكره ، وأظن يحيى شبه [ ص: 83 ] عليه بأبي جهل بن هشام ، والله أعلم .
26924 - وفي ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإنكار على فاطمة ، وقولها : إن معاوية ، وأبا جهم خطباني ، ولا أنكر عليها ذلك ، بل خطبها مع ذلك دليل على صحة ما قدمنا ذكره في أول كتاب النكاح عن لأسامة بن زيد مالك ، وغيره من العلماء أن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس على ظاهره ، وأن المعنى فيه الركون ، والميل والمقاربة ، فإذا كان ذلك ; لم يجز حينئذ أن يخطب أحد على خطبة أخيه ، وهذا في معنى نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع الرجل على بيع أخيه . أن يخطب الرجل على خطبة أخيه
[ ص: 84 ] 26925 - وفي هذا الحديث دليل على أن ، فليس بمغتاب . من أخبر على أخيه لمن يستنصحه فيه عند الخطبة ; لما هو عليه من الخلق المذموم المعيب
[ ص: 85 ] 26926 - وأما قوله ذلك ليس بغيبة ، وأنه جائز حسن من النصيحة التي هي الدين .
26927 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
26928 - وفي هذا الباب إذا استنصح أحدكم أخاه ، فلينصح له ، فإن الدين النصيحة لله - عز وجل - ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم " . لينفذ القضاء فيه بما أمره الله - عز وجل - به من رد شهادته للفسق ، أو قبولها للعدالة . سؤال الحاكم عن الشاهد عنده ، فواجب على المسئول أن يقول فيه الحق الذي يعلمه
26929 - وفي قوله : صعلوك ، لا مال له دليل على أن ، وخصال الناكح ، وأن الفقر من عيوبه ، وأنه لو بين ، أو عرف ذلك منه ، ورضي به لجاز كسائر العيوب . المال من واجبات النكاح
26930 - وأما قوله : لا يضع عصاه عن عاتقه ، ففيه دليل على أن ، المفرط في الوصف لا يلحقه الكذب . والمبالغ في النعت بالصدق لا يدركه الذم
26931 - ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في أبي جهم : ، وهو قد ينام ، ويصلي ، ويأكل ، ويشرب ، ويشتغل بما يحتاج إليه من شغله في دنياه . لا يضع عصاه عن [ ص: 86 ] عاتقه
26932 - وإنما أراد المبالغة في أدب النساء باللسان واليد ، وربما يحسن الأدب بمثله ، كما يصنع الوالي في رعيته .
26933 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
26934 - وروي عنه - عليه السلام - أنه قال : أنه قال لرجل أوصاه : لا ترفع عصاك عن أهلك ، وأخفهم في الله - عز وجل - . . علق سوطك حيث يراه أهلك
[ ص: 87 ] 26935 - والعرب تكني بالعصاة عن أشياء كثيرة منها : الطاعة ، والألفة ، ومنها : الإخافة ، والشدة .
26936 - وقد أشبعنا هذا المعنى في " التمهيد " ، وأتينا بما قيل في معنى العصا ، أو وجوهها بالشواهد في الشعر ، وغيره هناك ، والحمد لله تعالى .