الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 355 ] قوله تعالى : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير والطبراني ، والبيهقي في "سننه"، عن كعب بن عجرة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، وكانت لي وفرة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أيؤذيك هوام رأسك"؟ قلت : نعم . فأمرني أن أحلق . قال : ونزلت هذه الآية : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك مما تيسر" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في "ناسخه"، عن ابن عباس : فمن كان منكم مريضا ثم استثنى فقال : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، والبيهقي ، عن عبد الله بن معقل قال : قعدت إلى كعب بن [ ص: 356 ] عجرة فسألته عن هذه الآية : ففدية من صيام أو صدقة أو نسك . فقال : نزلت في، كان بي أذى من رأسي، فحملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال : " ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا، أما تجد شاة؟" قلت : لا ، قال : " صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك" ، فنزلت في خاصة وهي لكم عامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي ، وابن جرير ، عن كعب بن عجرة قال : لفي نزلت، وإياي عني بها : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه قال لي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالحديبية، وهو عند الشجرة : " أيؤذيك هوامك"؟ قلت : نعم ، فنزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه والواحدي، عن ابن عباس قال : لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن عجرة ينتثر هوام رأسه على وجهه، فقال : يا رسول الله، هذا القمل قد أكلني، فأنزل الله في ذلك الموقف : فمن كان منكم مريضا الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "النسك شاة، والصيام ثلاثة أيام، والطعام فرق بين ستة مساكين" .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 357 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس : فمن كان منكم مريضا يعني من اشتد مرضه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس : فمن كان منكم مريضا يعني بالمرض أن يكون برأسه أذى أو قروح، "أو به أذى من رأسه" . قال : الأذى هو القمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما أو به أذى من رأسه ؟ قال : القمل وغيره، الصداع وما كان في رأسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال : النسك أن يذبح شاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة : " أيؤذيك هوام رأسك"؟ قال : نعم ، قال : "فاحلقه وافتد؛ إما صوم ثلاثة أيام، وإما أن تطعم ستة مساكين، أو نسك شاة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن علي، أنه سئل عن هذه الآية فقال : الصيام ثلاثة أيام، والصدقة ثلاثة آصع على ستة مساكين، والنسك شاة . [ ص: 358 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، عن ابن عباس ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في "سننه"، عن ابن عباس قال : كل شيء في القرآن : "أو، أو" . فصاحبه مخير، فإذا كان : فمن لم يجد فهو الأول فالأول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج قال : كل شيء في القرآن : "أو، أو" . فهو خيار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي في «الأم»، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار قال : كل شيء في القرآن "أو، أو" . له أيه شاء . قال ابن جريج : إلا قوله تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله فليس بمخير فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي ، وعبد بن حميد ، عن عطاء قال : كل شيء في القرآن "أو، أو" يختار منه صاحبه ما شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عكرمة وإبراهيم ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد ، والضحاك ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية