الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من يرضخ له من الغنيمة 3372 - ( عن ابن عباس { أن النبي كان يغزو بالنساء ، فيداوين الجرحى ، ويحذين من الغنيمة ، وأما بسهم فلم يضرب لهن } ) .

                                                                                                                                            3373 - ( { وعنه أيضا أنه كتب إلى نجدة الحروري سألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضرا الناس ، وأنه لم يكن لهما سهم معلوم ، إلا أن يحذيا من غنائم القوم } . رواهما أحمد ومسلم ) .

                                                                                                                                            3374 - ( وعن ابن عباس قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المرأة والمملوك من الغنائم دون ما يصيب الجيش } . رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            3375 - ( وعن عمير مولى آبي اللحم قال : { شهدت خيبر مع سادتي ، فكلموا في [ ص: 329 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بي فقلدت سيفا فإذا أنا أجره فأخبر أني مملوك ، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع } . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            3376 - ( وعن حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه ، { أنها خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر سادس ست نسوة ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا فرأينا فيه الغضب ، فقال : مع من خرجتن ، وبإذن من خرجتن ؟ فقلنا : يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ، ونعين في سبيل الله ، ومعنا دواء للجرحى ، ونناول السهام ، ونسقي السويق ، قال : قمن فانصرفن حتى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال ، قال : فقلت لها : يا جدة وما كان ذلك ؟ قالت : تمرا } . رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3377 - ( وعن الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه } . رواه الترمذي وأبو داود في مراسيله ) .

                                                                                                                                            3378 - ( وعن الأوزاعي قال : { أسهم النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان بخيبر } . رواه الترمذي ويحمل الإسهام فيه وفيما قبله على الرضخ ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن عباس الأول والثاني أخرجهما أيضا أبو داود والترمذي وصححهما .

                                                                                                                                            وحديث عمير أخرجه أيضا ابن ماجه والحاكم وصححه وزاد الترمذي بعد قوله : " فأمر بشيء من خرثي المتاع " ما لفظه : { وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين فأمرني بطرح بعضها وحبس بعضها } .

                                                                                                                                            وحديث حشرج أخرجه أيضا النسائي وسكت عنه أبو داود ، وفي إسناده رجل مجهول وهو حشرج قاله الحافظ في التلخيص . وقال الخطابي : إسناده ضعيف لا تقوم به حجة .

                                                                                                                                            وحديث الزهري رواه الترمذي عن قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عروة بن ثابت عن الزهري ، قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب انتهى . وهذا مرسل .

                                                                                                                                            وحديث الأوزاعي رواه الترمذي عن علي بن خشرم . قال : أخبرنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي ، ولفظه : { أسهم النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان بخيبر ، وأسهم أئمة المسلمين لكل مولود ولد في أرض الحرب ، وأسهم النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بخيبر ، وأخذ بذلك المسلمون بعده } انتهى . وهذا أيضا مرسل . قوله : ( إلى نجدة الحروري ) بفتح النون وسكون الجيم وبعدها دال مهملة ، وهو ابن عامر الحنفي الخارجي ، وأصحابه [ ص: 330 ] يقال لهم : النجدات محركة . والحروري نسبة إلى حروراء وهي قرية بالكوفة . قوله : ( يحذين ) بالحاء المهملة والذال المعجمة : أي يعطين . قال في القاموس : الحذوة بالكسر : العطية انتهى . قوله : ( آبي اللحم ) هو اسم فاعل من أبى يأبى فهو آبي . قال أبو داود : قال أبو عبيد : كان حرم اللحم على نفسه فسمي آبي اللحم .

                                                                                                                                            قوله : ( من خرثي المتاع ) بالخاء المعجمة المضمومة وسكون الراء المهملة بعدها مثلثة وهو سقطه . قال في النهاية : هو أثاث البيت ، وقال في القاموس : الخرثي بالضم : أثاث البيت أو أردأ المتاع والغنائم . قوله : ( وعن حشرج ) بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وبعدها راء مهملة مفتوحة وجيم . قوله : ( عن جدته ) هي أم زياد الأشجعية وليس لها سوى هذا الحديث . قوله : ( ونسقي السويق ) هو شيء يعمل من الحنطة والشعير . وقد اختلف أهل العلم هل يسهم للنساء إذا حضرن ، فقال الترمذي : إنه لا يسهم لهن عند أكثر أهل العلم . قال : وهو قول سفيان الثوري والشافعي . قال : وقال بعضهم : يسهم للمرأة والصبي . وهو قول الأوزاعي . وقال الخطابي : إن الأوزاعي قال : يسهم لهن

                                                                                                                                            قال : وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث ، يعني حديث حشرج بن زياد وإسناده ضعيف لا تقوم به حجة وقد حكي في البحر عن العترة والشافعية والحنفية أنه لا يسهم للنساء والصبيان والذميين . وعن مالك أنه قال : لا أعلم العبد يعطى شيئا . وعن الحسن بن صالح أنه يسهم للعبد كالحر . وعن الزهري أنه يسهم للذمي لا للعبد والنساء والصبيان فيرضخ لهم . وقال الترمذي بعد أن أخرج حديث عمير مولى آبي اللحم المذكور في الباب . والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أنه لا يسهم للمملوك ولكن يرضخ له بشيء وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق . وقال أيضا : إن العمل عند بعض أهل العلم على أنه لا يسهم لأهل الذمة وإن قاتلوا مع المسلمين العدو ، ورأى بعض أهل العلم أنه يسهم لهم إذا شهدوا القتال مع المسلمين انتهى .

                                                                                                                                            والظاهر أنه لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد والذميين ، وما ورد من الأحاديث مما فيه إشعار بأن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لأحد من هؤلاء فينبغي حمله على الرضخ وهو العطية القليلة جمعا بين الأحاديث . وقد صرح حديث ابن عباس المذكور في أول الباب بما يرشد إلى هذا الجمع فإنه نفى أن يكون للنساء والعبيد سهم معلوم وأثبت الحذية ، وهكذا حديثه الآخر فإنه صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي المرأة والمملوك دون ما يصيب الجيش . وهكذا حديث عمير المذكور فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رضخ له بشيء من الأثاث ولم يسهم له ، فيحمل ما وقع في حديث حشرج من أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء بخيبر على مجرد العطية من الغنيمة ، وهكذا يحمل ما وقع في مرسل الزهري المذكور من الإسهام لقوم من اليهود وما وقع في مرسل الأوزاعي المذكور [ ص: 331 ] أيضا من الإسهام للصبيان كما لمح إلى ذلك المصنف رحمه الله تعالى .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية