الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            3056 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الأنف إذا جدع كله بالعقل كاملا ، وإذا جدعت أرنبته فنصف العقل ، وقضى في العين نصف العقل ، والرجل نصف العقل ، واليد نصف العقل ، والمأمومة ثلث العقل ، والمنقلة خمسة عشر من الإبل } . رواه أحمد ، ورواه أبو داود وابن ماجه . ولم يذكرا فيه العين ولا المنقلة ) .

                                                                                                                                            3057 - ( وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم { قال : هذه وهذه سواء يعني الخنصر والبنصر والإبهام } . رواه الجماعة إلا مسلما ، وفي رواية { قال : دية أصابع اليدين والرجلين سواء عشر من الإبل لكل أصبع } . رواه الترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            3058 - ( وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال . { الأسنان سواء الثنية والضرس سواء } . رواه أبو داود وابن ماجه ) .

                                                                                                                                            3059 - ( وعن أبي موسى { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الأصابع بعشر عشر من الإبل } . رواه أحمد وأبو داود والنسائي )

                                                                                                                                            3060 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : في كل أصبع عشر من الإبل ، وفي كل سن خمس من الإبل ، والأصابع سواء ، والأسنان سواء } رواه الخمسة إلا الترمذي )

                                                                                                                                            3061 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : في [ ص: 76 ] المواضح خمس خمس من الإبل } رواه الخمسة ) .

                                                                                                                                            3062 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها ، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها ، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها } . رواه النسائي ، ولأبي داود منه : قضى في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية ) .

                                                                                                                                            3063 - ( وعن عمر بن الخطاب أنه قضى في رجل ضرب رجلا فذهب سمعه وبصره ونكاحه وعقله بأربع ديات . ذكره أحمد بن حنبل في رواية أبي الحارث وابنه عبد الله ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث عمرو بن شعيب الأول في إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي ، وقد تكلم فيه جماعة من أهل العلم ووثقه جماعة ، ولفظ أبي داود : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنف إذا جدع الدية كاملة ، وإن جدعت ثندوته فنصف العقل خمسون من الإبل أو عدلها من الذهب أو الورق أو مائة بقرة أو ألف شاة ، وفي اليد إذا قطعت نصف العقل ، وفي الرجل نصف العقل ، وفي المأمومة ثلث العقل ثلاث وثلاثون وثلث أو قيمتها من الذهب أو الورق أو البقر أو الشاء ، والجائفة مثل ذلك ، وفي الأصابع في كل أصبع عشر من الإبل } وهو حديث طويل .

                                                                                                                                            وحديث ابن عباس الثاني أخرجه أيضا البزار وابن حبان ورجال إسناده رجال الصحيح .

                                                                                                                                            وحديث أبي موسى أخرجه أيضا ابن حبان وابن ماجه . وسكت عنه أبو داود والمنذري وإسناده لا بأس به .

                                                                                                                                            وحديث عمرو بن شعيب الثاني سكت عنه أبو داود والمنذري وصاحب التلخيص ، ورجال إسناده إلى عمرو بن شعيب ثقات .

                                                                                                                                            وحديثه الثالث أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن الجارود وصححاه .

                                                                                                                                            وحديثه الرابع سكت عنه أبو داود والنسائي ورجال إسناده إلى عمرو بن شعيب ثقات .

                                                                                                                                            وأثر عمر أخرجه أيضا ابن أبي شيبة عن خالد عن عوف سمعت شيخا في زمن الحاكم وهو ابن المهلب عم أبي قلابة قال : " رمى رجل رجلا بحجر في رأسه في زمن عمر فذهب سمعه وبصره وعقله وذكره فلم يقرب النساء فقضى عمر فيه بأربع ديات وهو حي " وقد قدمنا الكلام المتعلق بفقه أكثر هذه الأحاديث في شرح حديث عمرو بن حزم المذكور في أول الباب ، ونتكلم الآن على ما لم يذكر هنالك

                                                                                                                                            قوله : ( فنصف العقل ) أي الدية

                                                                                                                                            قوله : ( هذه وهذه سواء . . . إلخ ) هذا نص صريح يرد القول بالتفاضل بين الأصابع ، ولا أعرف [ ص: 77 ] مخالفا من أهل العلم لما يقضيه إلا ما روي عن عمر ومجاهد ، وقد قدمنا أنه روي عن عمر الرجوع . قوله : ( الأسنان سواء ) هذه جملة مستقلة : لفظ الأسنان فيها مبتدأ ولفظ سواء خبره وقوله : " الثنية " مبتدأ والضرس مبتدأ آخر والخبر عنهما قوله : " سواء " وإنما تعرضنا لمثل هذا مع وضوحه لأنه ربما ظن أن سواء الأولى بمعنى غير ، وأن الخبر عن الأسنان هو سواء الثانية ، ويكون التقدير الأسنان غير الثنية والضرس سواء ، ولا شك أن هذا غير مراد بل المراد الحكم على جميع الأسنان التي يدخل تحتها الثنية والضرس بالاستواء والتنصيص على الثنية والضرس إنما هو لدفع توهم عدم دخولهما تحت الأسنان ، ولهذا اقتصر في الرواية الثانية على قوله : " الأسنان سواء "

                                                                                                                                            وبهذا يندفع قول من ذهب إلى تفضيل الثنية والضرآس من الصحابة وغيرهم ، وقول من حكم في الأسنان بأحكام مختلفة كما سلف . قوله : ( قضى في العين العوراء السادة لمكانها ) أي التي هي باقية لم يذهب إلا نورها ، والمراد بالطمس ذهاب جرمها ، وإنما وجب فيها ثلث دية العين الصحيحة لأنها كانت بعد ذهاب بصرها باقية الجمال ، فإذا قلعت أو فقئت ذهب ذلك . قوله : ( وفي اليد الشلاء . . . إلخ ) هي التي لا نفع فيها ، وإنما وجب فيها ثلث دية الصحيحة لذهاب الجمال أيضا . قوله : ( وفي السن السوداء . . . إلخ ) نفع السن السوداء باق ، وإنما ذهب منها مجرد الجمال فيكون على هذا التقدير ذهاب النفع كذهاب الجمال ، وبقاؤه فقط كبقائه وحده ، قال في البحر : مسألة : وإذا اسودت السن وضعف ففيه الدية لذهاب الجمال والمنفعة ، ولقول علي عليه السلام إذا اسودت فقد تم عقلها أي ديتها ، فإن لم تضعف فحكومة ، وقال الناصر وزفر : وكذا لو اصفرت أو احمرت

                                                                                                                                            وقيل : لا شيء في الاصفرار إذ أكثر الأسنان كذلك ، قلنا : إذا لم يحصل بجناية . ا هـ . قوله : ( بأربع ديات ) فيه دليل على أنه يجب في كل واحد من الأربعة المذكورة دية عند من يجعل قول الصحابي حجة . وقد استدل بها صاحب البحر وزعم أنه لم ينكره أحد من الصحابة فكان إجماعا . وقد قال الحافظ ابن حجر في التلخيص : إنه وجد في حديث معاذ في السمع الدية ، قال : وقد رواه البيهقي من طريق قتادة عن ابن المسيب عن علي رضي الله عنه ، وقد زعم الرافعي أنه ثبت في حديث معاذ أن في البصر الدية . قال الحافظ : لم أجده .

                                                                                                                                            وروى البيهقي من حديث معاذ في العقل الدية . وسنده ضعيف قال البيهقي : وروينا عن عمر وعن زيد بن ثابت مثله وقد زعم الرافعي أن ذلك في حديث عمرو بن حزم وهو غلط .

                                                                                                                                            وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم بلفظ : { مضت السنة في أشياء من الإنسان إلى أن قال : وفي اللسان الدية وفي الصوت إذا انقطع الدية } . [ ص: 78 ] والحاصل أنه قد ورد النص بإيجاب الدية في بعض الحواس الخمس الظاهرة كما عرفت ، ويقاس ما لم يرد فيه نص منها على ما ورد فيه . وقد قيل : إنها تجب الدية في ذهاب القول بغير قطع اللسان بالقياس على السمع بجامع فوات القوة ، والأولى التعويل على النص المذكور في حديث زيد بن أسلم ، وأما ذهاب النكاح فيمكن أن يستدل لإيجاب الدية فيه بالقياس على سلس البول ، فإنه قد روى محمد بن منصور بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي أنه قضى بالدية لمن ضرب حتى سلس بوله ، والجامع ذهاب القوة ولكن هذا على القول بحجية قول علي عليه السلام

                                                                                                                                            قال في البحر : وفي إبطال مني الرجل بحيث لا يقع منه حمل دية كاملة ، إذ هو إبطال منفعة كاملة كالشلل ، ويخالف مني المرأة ولبنها ففيهما حكومة إذ قد يطرأ ويزول بخلافه من الرجل فيستمر ، وإذا انقطع لم يرجع ، ا هـ . وهذا إذا كان ذهاب النكاح بغير قطع الذكر أو الأنثيين فإن كان بذلك دخلت ديته في دية ذلك المقطوع ، وهكذا ذهاب البصر إذا كان بغير قلع العينين أو فقئهما وإلا وجبت الدية للعينين ولا شيء لذهابه ، وهكذا السمع لو ذهب بقطع الأذنين .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية