الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          سورة والصافات تقدم موافقة حمزة لأبي عمرو في إدغام والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا من باب الإدغام الكبير .

                                                          ( واختلفوا ) في : بزينة فقرأ عاصم وحمزة بالتنوين ، وقرأ الباقون بغير تنوين .

                                                          ( واختلفوا ) في : لا يسمعون فقرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص بتشديد السين والميم ، وقرأ الباقون بتخفيفهما ، وتقدم فاستفتهم لرويس في أم القرآن .

                                                          ( واختلفوا ) في : بل عجبت فقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم التاء ، وقرأ الباقون بفتحها ، وتقدم أئذا متنا أئنا [ ص: 357 ] في الموضعين من باب الهمزتين من كلمة .

                                                          ( واختلفوا ) في : أوآباؤنا هنا ، وفي الواقعة فقرأ أبو جعفر وابن عامر وقالون بإسكان الواو فيهما . واختلف عن ورش ، فروى الأصبهاني عنه كذلك إلا أنه بنقل حركة الهمزة بعدها إليها كسائر السواكن . وروى 55 الأزرق عنه فتح الواو ، وكذلك قرأ الباقون في الموضعين ، وتقدم نعم للكسائي في الأعراف ، وتقدم ( لا تناصرون ) لأبي جعفر والبزي ، في البقرة ، وتقدم المخلصين في يوسف ، وتقدم للشاربين لابن ذكوان في الإمالة .

                                                          ( واختلفوا ) في : ينزفون هنا ، وفي الواقعة فقرأ حمزة والكسائي وخلف بكسر الزاي فيهما ، وافقهم عاصم في الواقعة . وقرأ الباقون بفتح الزاي في الموضعين .

                                                          ( واختلفوا ) في : إليه يزفون فقرأ حمزة بضم الياء ، وقرأ الباقون بفتحها ، وتقدم فتح يابني لحفص في سورة هود .

                                                          ( واختلفوا ) في : ماذا ترى فقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم التاء وكسر الراء فيصير بعدها ياء ، وقرأ الباقون بفتحهما فيصير بعد الراء ألف ، وهم على أصولهم في الإمالة وبين بين " واختلف " عن ابن عامر في وإن إلياس ، فروى البغداديون عن أصحابهم عن أصحاب ابن ذكوان كالصوري والتغلبي وأحمد بن أنس والترمذي وابن المعلى بوصل همزة إلياس . اللفظ بعد نون إن ، بلام ساكنة حالة الوصل ، وبهذا كان يأخذ النقاش عن الأخفش ، وكذا كان يأخذ الداجوني ، وهو إمام قراءة الشاميين عن أصحابه في روايتي هشام وابن ذكوان . كذا روى الكارزيني عمن قرأ عليه من أصحاب أصحاب الأخفش الشاميين ، وغيرهم كالمطوعي صاحب الحسن بن حبيب وكالشذائي وعلي بن داود الداراني خطيب دمشق ، وأبي بكر السلمي إمام القراءة بدمشق ، وهؤلاء أصحاب ابن الأخرم ، وروى الكارزيني الوجهين ، يعني الوصل والقطع عن المطوعي عن محمد بن القاسم بن يزيد الإسكندراني عن ابن ذكوان الداراني عن ابن عامر بكماله . وروى ابن العلاف والنهرواني الوصل أيضا [ ص: 358 ] عن هبة الله عن الأخفش ، وكذا روى عبيد الله بن أحمد الصيدلاني عن الأخفش ، ونص غير واحد من العراقيين على ذلك لابن عامر بكماله ، وأكثرهم على استثناء الحلواني فقط عن هشام ، ولم يستثن الحافظ أبو العلاء عن ابن عامر فيه سوى الحلواني وابن الأخرم ، ولم يستثن أبو الحسن بن فارس عن ابن عامر سوى الحلواني والوليد ، وهو الذي لم يذكر مكي عن أئمة المغاربة عن ابن عامر سواه ، وبه قرأ الحافظ أبو عمرو الداني على عبد العزيز بن محمد الفارسي عن قراءته على النقاش من الشاميين بالهمز والقطع ، قال : وهو الصحيح عن ابن ذكوان ، قال : والوصل غير صحيح عنه ، وذلك أن ابن ذكوان ترجم عن ذلك في كتابه بغير همز فتأول ذلك عامة البغداديين ، وابن مجاهد والنقاش وأبو طاهر ، وغيرهم - أنه يعني همز أول الاسم ، وسطروا ذلك عنه في كتبهم وأخذوا به في مذاهبهم على أصحابهم ، قال : وهو خطأ من تأويلهم ووهم من تقديرهم ، وذلك أن ابن ذكوان أراد بقوله بغير همز - لا تهمز الألف التي في وسط هذا الاسم كما تهمز في كثير من الأسماء نحو الكأس والرأس والبأس والشأن وما أشبهه ، فقال : غير مهموز ؛ ليرفع الإشكال ويزيل الإلباس ويدل على مخالفته الأسماء المذكورة التي هي مهموزة ، ولم يرد أن همزة أوله ساقطة . قال : والدليل على أنه لم يرد ذلك وأنه أراد ما قلناه إجماع الآخذين عنه من أهل بلده والذين نقلوا القراءة عنه وشاهدوه من لدن تصدره إلى حين وفاته وقاموا بالقراءة عنه - على تحقيق الهمزة المبتدأة في ذلك ، وكذلك من أخذ عنهم إلى وقتنا هذا .

                                                          ( قلت ) : وهذا الذي ذكره الحافظ أبو عمرو متجه وظاهره محتمل لو كانت القراءة تؤخذ من الكتب دون المشافهة وإلا إذا كانت القراءة لا بد فيها من المشافهة والسماع فمن البعيد تواطؤ من ذكرنا من الأئمة شرقا وغربا على الخطأ في ذلك ، وتلقي الأمة ذلك بالقبول خلفا عن سلف من غير أصل . وأما قوله " إن إجماع الآخذين عنه من أهل بلده [ ص: 359 ] على تحقيق هذه الهمزة المبتدأة " فقد قدمنا النقل عن أئمة بلده على وصل الهمزة ، والناقلون عنهم ذلك ممن أثبت أبو عمرو لهم الحفظ والضبط والإتقان ، ووافقهم من ذكر عن ابن ذكوان وهشام جميعا ، بل ثبت عندنا ثبوتا قطعيا أخذ الداني نفسه بهذا الوجه . وصحت عندنا قراءة الشاطبي رحمه الله تعالى بذلك على أصحاب أصحابه ، وهم من الثقة والعدالة والضبط بمكان لا مزيد عليه حتى إن الشاطبي سوى بين الوجهين جميعا عنده في إطلاقه الخلاف عن ابن ذكوان ، ولم يشر إلى ترجيح أحدهما ، ولا ضعفه كما هي عاداته فيما يبلغ في الضعف مبلغ الوهم والغلط فكيف بما هو خطأ محض ؟ والله تعالى أعلم . والدليل على أن الوهم من الداني فيما فهمه - أن ابن ذكوان لو أراد همز الألف التي قبل السين لرفع الإلباس كما ذكره ؛ لم يكن لذكر ذلك والنص عليه في هذا الحرف الذي هو في سورة والصافات - فائدة ، بل كان نصه على ذلك في سورة الأنعام عند أول وقوعه هو المتعين ، كما هي عادته وعادة غيره من الأئمة والقراء ، ولما كان أخره إلى الحرف الذي وقع الخلاف في وصل همزته ، والله تعالى أعلم .

                                                          ( قلت ) : وبالوجهين جميعا آخذ في رواية ابن عامر اعتمادا على نقل الأئمة الثقات واستنادا إلى وجهه في العربية وثبوته بالنص ، على أنه ليس الوصل مما انفرد به ابن عامر ، أو بعض رواته ، فقد أثبتها الإمام أبو الفضل الرازي في كتابه اللوامح - أنها قراءة ابن محيصن وأبي الرجاء من غير خلاف عنهما ، قال : وكذلك الحسن وعكرمة بخلاف عنهما ، وذلك في وإن إلياس و على إل ياسين جميعا وافقهم ابن عامر في وإن إلياس قال : وهذا مما دخل فيه لام التعريف على " ياس " ، وكذلك إل ياسين ، وقال في سورة الأنعام : قرأ الحسن وقتادة وابن هرمز ( والياس ) بوصل الهمزة ، فاللام للتعريف والاسم " ياس " ، انتهى . وهو أوضح دليل على أن المراد بالهمزة هي الأولى ، وأن ذلك خلاف ما قال الداني ، والله تعالى أعلم . هذا حالة الوصل; وأما حالة الابتداء فإن الموجهين لهذه القراءة اختلفوا [ ص: 360 ] في توجيهها ، فبعضهم وجهها على أن تكون همزة القطع وصلت ، والأكثرون على أن أصله " ياس " فدخلت عليه " ال " كـ " اليسع " . وتظهر فائدة اختلاف التوجيه في الابتداء ، فمن يقول إن همزة القطع وصلت ابتدأ بكسر الهمزة ، ومن يقول بالثاني ابتدأ بفتح الهمزة ، وهو الصواب لأن وصل همزة القطع لا يجوز إلا ضرورة ، ولأن أكثر أئمة القراءة كابن سوار وأبي الحسن بن فارس وأبي الفضل الرازي وأبي العز وأبي العلاء الحافظ ، وغيرهم نصوا عليه دون غيره ، ولأنه الأولى في التوجيه ، ولا نعلم من أئمة القراءة من أجاز الابتداء بكسر الهمزة على هذه القراءة والله تعالى أعلم . وقرأ الباقون بقطع الهمزة مكسورة في الحالين .

                                                          ( واختلفوا ) في : الله ربكم ورب فقرأ يعقوب وحمزة والكسائي وخلف وحفص بالنصب في الأسماء الثلاثة ، وقرأ الباقون برفعها .

                                                          ( واختلفوا ) في : إل ياسين فقرأ نافع وابن عامر ويعقوب ، آل ياسين بفتح الهمزة ومد ، وقطع اللام من الياء وحدها مثل آل يعقوب ، وكذا رسمت في جميع المصاحف ، وقرأ الباقون بكسر الهمزة ، وإسكان اللام بعدها ووصلها بالياء كلمة واحدة في الحالين . وانفرد ابن مهران بذلك عن روح فخالف فيه سائر الرواة . وتقدم في الوقف على المرسوم في وصل المقطوع أنها على قراءة هؤلاء لا يجوز قطعها فيوقف على اللام لكونها من نفس الكلمة اتفاقا ، وذلك مما لا نعلم فيه خلافا - والله أعلم - .

                                                          ( واختلفوا ) في : اصطفى فقرأ أبو جعفر بوصل الهمزة على لفظ الخبر ، فيبتدئ بهمزة مكسورة . واختلف عن ورش ، فروى الأصبهاني عنه كذلك ، وهي رواية إسماعيل بن جعفر بن نافع ، وروى عنه الأزرق بقطع الهمزة على لفظ الاستفهام ، وكذلك قرأ الباقون ، وتقدم أفلا تذكرون في الأنعام ، وتقدم الوقف على ( صال الجحيم ) ليعقوب في بابه .

                                                          ( وفيها من الإضافة ثلاث ياءات ) إني أرى . أني أذبحك فتحها المدنيان ، وابن كثير وأبو عمرو ، ستجدني إن شاء الله فتحها المدنيان .

                                                          [ ص: 361 ] ( ومن الزوائد ياءان ) سيهدين أثبتها في الحالين يعقوب لتردين أثبتها وصلا ورش ، وأثبتها في الحالين يعقوب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية