الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
أحدهما : nindex.php?page=treesubj&link=23391تركها جحدا لوجوبها ، فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين ، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، يجوز أن يخفى عليه وجوبها ، ويجري هذا الحكم في جحود كل حكم مجمع عليه .
قلت : أطلق الإمام الرافعي القول بتكفير جاحد المجمع عليه ، وليس هو على إطلاقه ، بل من جحد مجمعا عليه فيه نص ، وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام ، كالصلاة ، أو الزكاة ، أو الحج ، أو تحريم الخمر ، أو الزنا ، ونحو ذلك ، فهو كافر . ومن جحد مجمعا عليه لا يعرفه إلا الخواص ، كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب ، وتحريم نكاح المعتدة ، وكما إذا أجمع أهل عصر على حكم حادثة ، فليس بكافر ، للعذر ، بل يعرف الصواب ليعتقده . ومن جحد مجمعا عليه ، ظاهرا ، لا نص فيه . ففي الحكم بتكفيره خلاف يأتي - إن شاء الله تعالى - بيانه في باب الردة ، وقد أوضح صاحب ( التهذيب ) القسمين الأولين في خطبة كتابه . - والله أعلم - .
الضرب الثاني : من nindex.php?page=treesubj&link=23392تركها غير جاحد ، وهو قسمان . أحدهما : ترك لعذر ، كالنوم ، والنسيان ، فعليه القضاء فقط ، ووقته موسع . والثاني : ترك بلا عذر تكاسلا ، فلا يكفر على الصحيح . وعلى الشاذ : يكون مرتدا كالأول ، فعلى الصحيح : يقتل حدا . وقال المزني : يحبس ويؤدب ولا يقتل . ومتى يقتل ؟ فيه أوجه . الصحيح : بترك صلاة واحدة إذا ضاق وقتها ، والثاني : إذا ضاق وقت الثانية . والثالث : إذا ضاق وقت الرابعة . والرابع : إذا ترك أربع صلوات . والخامس : [ ص: 147 ] إذا ترك من الصلوات قدرا يظهر لنا به اعتياده الترك وتهاونه بالصلاة . والمذهب الأول . والاعتبار بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة . فإذا ترك الظهر لم يقتل حتى تغرب الشمس ، وإذا ترك المغرب ، لم يقتل حتى يطلع الفجر . حكاه الصيدلاني ، وتابعه الأئمة عليه . وعلى الأوجه كلها : لا يقتل حتى يستتاب . وهل يكفي nindex.php?page=treesubj&link=26724الاستتابة في الحال ، أم يمهل ثلاثة أيام ؟ قولان . قال في ( " العدة " ) : المذهب أنه لا يمهل . والقولان في الاستحباب على المذهب ، وقيل : في الإيجاب .
فرع .
الصحيح أنه يقتل بالسيف ضربا كالمرتد . وفي وجه : ينخس بحديدة ، ويقال : صل ، فإن صلى ، وإلا كرر عليه [ النخس ] حتى يموت . وفي وجه : يضرب بالخشب حتى يصلي أو يموت . وأما nindex.php?page=treesubj&link=26724غسل المقتول لترك الصلاة ودفنه والصلاة عليه فتقدم بيانها في الصلاة على الميت .
فرع .
إذا nindex.php?page=treesubj&link=23390أراد السلطان قتله ، فقال : صليت في بيتي ، ترك .
فرع .
nindex.php?page=treesubj&link=8تارك الوضوء يقتل على الصحيح . ولو nindex.php?page=treesubj&link=905امتنع من صلاة الجمعة وقال : أصليها ظهرا ، بلا عذر - لم يقتل ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في فتاويه ؛ لأنه لا يقتل nindex.php?page=treesubj&link=27079بترك الصوم ، فالجمعة أولى ، لأن لها بدلا ، وتسقط بأعذار كثيرة .
[ ص: 148 ] قلت : قد جزم الإمام الشاشي في فتاويه بأنه يقتل بترك الجمعة ، وإن كان يصليها ظهرا ؛ لأنه لا يتصور قضاؤها ، وليست الظهر قضاء عنها . وقد اختار هذا غير الشاشي ، واستقصيت الكلام عليه في أول كتاب الصلاة ، من شرح ( المهذب ) . ولو nindex.php?page=treesubj&link=23391_9151قتل إنسان تارك الصلاة في مدة الإمهال ، قال صاحب ( البيان ) : يأثم ولا ضمان عليه nindex.php?page=treesubj&link=9151كقاتل المرتد . وسيأتي كلام الرافعي فيه في كتاب الجنايات ، إن شاء الله تعالى . وإن nindex.php?page=treesubj&link=23392ترك الصلاة وقال : تركتها ناسيا ، أو للبرد ، أو عدم الماء ، أو لنجاسة كانت علي ، ونحو ذلك من الأعذار ، صحيحة كانت أو باطلة ، قال صاحب " التتمة " : يقال له : صل ، فإن امتنع ، لم يقتل على المذهب ؛ لأن القتل بسبب تعمد تأخيرها عن الوقت ، ولم يتحقق ذلك ، وفي وجه أنه يقتل لعناده . قال : ولو قال : تعمدت تركها ، ولا أريد أن أصليها ، قتل قطعا . وإن قال : تعمدت تركها بلا عذر ، ولم يقل : ولا أصليها - قتل أيضا على المذهب ؛ لتحقق جنايته . وفيه وجه أنه لا يقتل ما لم يصرح بالامتناع من القضاء . واعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=1421قضاء من ترك الصلاة بعذر ، على التراخي على المذهب ، ومن ترك بغير عذر ، فيه وجهان : أصحهما عند العراقيين : على التراخي ، والصواب ما قاله الخراسانيون أنه على الفور . وستأتي المسألة في كتاب الحج إن شاء الله تعالى كما قدمنا الوعد به في آخر صفة الصلاة ، والله أعلم .