إسلام ويب - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي - أقسام الحديث - الحديث الحسن - الكتب التي من مظنة الحديث الحسن - الكلام على كتب البغوي- الجزء رقم1
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( nindex.php?page=treesubj&link=29222_33935والبغوي ) نسبة لبلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة يقال لها : بغ ، وهو الإمام الفقيه المفسر الحافظ الملقب : محيي السنة أبو محمد ركن الدين الحسين بن مسعود ، [ ص: 108 ] ويعرف بابن الفراء لكونها صنعة أبيه ، مصنف معالم التنزيل في التفسير ، وشرح السنة ، والمصابيح في الحديث ، [ والجمع بين الصحيحين بإسنادهما مع حذف المكررات ] ، والتهذيب في الفقه .
وكان سيدا زاهدا قانعا ، يأكل الخبز وحده فليم في ذلك ، فصار يأكله بالزيت ، مات بمرو الروذ ، في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ( 516 هـ ) وقد أشرف على التسعين ظنا ، ودفن عند شيخه القاضي حسين .
( إذ قسم ) nindex.php?page=treesubj&link=29222كتابه ( المصابحا ) بحذف الياء تخفيفا ، جمع مصباح ; وهو السراج ( إلى الصحاح والحسان ، جانحا ) أي : سائرا إلى أن الصحاح ما رواه الشيخان في صحيحهما أو أحدهما .
و ( الحسان ما رووه ) أي : أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وغيرهما من الأئمة ، كالنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14272والدارمي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ( في السنن ) من تصانيفهم مما يتضمن مساعدة nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ; لاستلزامه nindex.php?page=treesubj&link=29222تحسين المسكوت عليه عند أبي داود رد ( عليه ) فقال النووي : إنه ليس بصواب ، وسبقه nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح فقال : إنه اصطلاح لا يعرف ، وليس الحسن عند أهل الحديث عبارة عن ذلك ، ( إذ بها ) أي : بكتب السنن المشار إليها ( غير الحسن ) من الصحيح والضعيف .
فقد ( nindex.php?page=treesubj&link=29222كان أبو داود ) يتتبع من حديثه ( أقوى ما وجد ) بالبناء للمفعول كما رأيته بخط الناظم ، ويجوز بناؤه للفاعل ، وهو أظهر في المعنى ، وإن كان الأول أنسب ( يرويه و ) يروي الحديث ( الضعيف ) أي : من قبل سوء حفظ راويه ، ونحو ذلك ; كالمجهول عينا أو حالا ، لا مطلق الضعف الذي يشمل ما كان راويه متهما بالكذب .
( حيث لا يجد في الباب ) حديثا ( غيره فذاك ) أي : الحديث الضعيف ( عنده ، من رأي ) أي : من جميع آراء الرجال ( أقوى ) كما ( قاله ) أي : كونه يخرج الضعيف ويقدمه على الآراء ، الحافظ أحد أكابر هذه الصناعة ، ممن جاب وجال ، ولقي الأعلام [ ص: 109 ] والرجال ، وشرق وغرب ، وبعد وقرب .
أبو عبد الله ( ابن منده ) وهو محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى العبدي الأصبهاني ، و " منده " لقب لوالده يحيى ، واسمه فيما يقال : nindex.php?page=showalam&ids=12368إبراهيم بن الوليد .
مات في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة ( 395هـ ) عن نحو أربع وثمانين سنة .
[ قال البزدوي : لأن الخبر في الغالب يقين في أصله ، وإنما دخلت الشبهة في نقله ، والراوي محتمل بأصله في كل وصف على الخصوص ، وكان الاحتمال في الرأي أصلا ، وفي الحديث عارضا ، وأبو داود تابع في ذلك شيخه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه . قال : سمعت أبي يقول : لا تكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه دغل ، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي .
قال : فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه ، وصاحب رأي فمن يسأل ؟ قال : يسأل صاحب الحديث ، ولا يسأل صاحب الرأي .
[ ونحوه ما nindex.php?page=showalam&ids=14272للدارمي عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أنه قال : ما حدثك هؤلاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخذ به ، وما قالوه برأيهم ، فألقه في الحش .
وللبغوي في شرح [ ص: 110 ] السنة عنه : إنما الرأي بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلتها ] .
وكذا نقل ابن المنذر أن أحمد كان يحتج nindex.php?page=showalam&ids=16709بعمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، إذا لم يكن في الباب غيره .
وفي رواية عنه أنه قال لابنه : لو أردت أن أقتصر على ما صح عندي ، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ، ولكنك يا بني ، تعرف nindex.php?page=treesubj&link=29223طريقتي في الحديث ، إني لا أخالف ما يضعف ، إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان nindex.php?page=treesubj&link=25443يقدم الضعيف على القياس ، بل حكى الطوفي عن التقي ابن تيمية أنه قال : اعتبرت nindex.php?page=treesubj&link=29223مسند أحمد ، فوجدته موافقا لشرط أبي داود . انتهى .
ونحو ما حكي عن أحمد ما سيأتي في المرسل حكاية عن الماوردي ، مما نسبه لقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجديد ; أن nindex.php?page=treesubj&link=29109_21528المرسل يحتج به إذا لم يوجد دلالة سواه .
وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن جميع الحنفية على أن مذهب إمامهم أيضا أن ضعيف الحديث أولى عنده من الرأي والقياس ، على أن بعضهم - كما حكاه المؤلف في أثناء من تقبل روايته وترد من النكت - حمل قول ابن منده على أنه أريد بالضعيف هنا الحديث الحسن ، وهو بعيد .
[ ص: 111 ] وكلام أبي داود في nindex.php?page=treesubj&link=29222رسالته التي وصف فيها كتابه ، إلى أهل مكة - مشعر بخلافه ; فإنه قال : سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن أهي أصح ما عرفت في الباب ؟ فاعلموا أنه كذلك كله ، إلا أن يكون قد روي من وجهين صحيحين ، وأحدهما أقدم إسنادا ، والآخر صاحبه قدم في الحفظ ، فربما كتبت ذلك ، أي : الذي هو أقدم إسنادا ، ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث .
ولم أكتب في الباب إلا حديثا أو حديثين ، وإن كان في الباب أحاديث صحاح ، فإنها تكثر ، وإنما أردت قرب منفعته ، فإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين وثلاثة ، فإنما هو من زيادة كلام فيه ، وربما تكون فيه كلمة زائدة على الأحاديث .
وربما اختصرت الحديث الطويل ; لأني لو كتبته بطوله ، لم يعلم بعض من يسمعه المراد منه ، ولا يفهم وضع الفقه منه ، فاختصرته لذلك ، إلى أن قال : وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء ، وإذا كان فيه حديث منكر بينته أنه منكر ، وليس على نحوه في الباب غيره .
قال : وقد ألفته نسقا على ما صح عندي ; فإن ذكر لك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ليس فيما خرجته ، فاعلم أنه حديث واه ، إلا أن يكون في كتابي من طريق آخر ، فإني لم أخرج الطرق ; لأنه يكثر على المتعلم ، ولا أعلم أحدا جمع على الاستقصاء غيري . . . إلى آخر الرسالة . وقد روينا أنه عرض سننه على شيخه أحمد ، فاستحسنه .
وكذا فيما حكى ابن منده أيضا مما سمعه بمصر من محمد بن سعد البارودي ، كان الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=15397أبو عبد الرحمن ( النسائي ) صاحب السنن والآتي [ ص: 112 ] في الوفيات ، لا يقتصر في التخريج على المتفق على قبولهم .
بل ( يخرج ) حديث ( من لم يجمعوا ) أي : أئمة الحديث ( عليه تركا ) أي : على تركه ، حتى إنه يخرج للمجهولين حالا وعينا ; للاختلاف فيهم - كما سيأتي - وهو كما زاده الناظم ، ( مذهب متسع ) يعني : إن لم يرد إجماع خاص ، كما قرره شيخنا ; حيث قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=29189كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط ; فمن الأولى شعبة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وشعبة أشدهما .
ومن الثانية nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان nindex.php?page=showalam&ids=16349وابن مهدي ، ويحيى أشدهما ، ومن الثالثة nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وأحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين أشدهما ، ومن الرابعة أبو حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ، وأبو حاتم أشدهما .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه ، فأما إذا وثقه nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي ، وضعفه القطان مثلا ، فإنه لا يترك ; لما عرف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النقد .
وحينئذ فقول ابن منده : " وكذلك أبو داود يأخذ مأخذ nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي " يعني في عدم التقيد بالثقة ، والتخريج لمن ضعف في الجملة ، وإن اختلف صنيعهما .
وقول المنذري في مختصر السنن له حكاية عن ابن منده : إن nindex.php?page=treesubj&link=29222شرط أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي إخراج حديث قوم لم يجمع على تركهم ، إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال - محمول على هذا ، وإلا فكم من رجل أخرج له أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، تجنب النسائي إخراج حديثه ، بل تجنب nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي إخراج حديث جماعة من رجال الشيخين ، حتى قال بعض الحفاظ : إن شرطه في الرجال أشد من شرطهما .
[ ص: 113 ] على أنه قد انتصر التاج التبريزي للبغوي ، وقال : إنه لا مشاحة في الاصطلاح ، بل تخطئة المرء في اصطلاحه بعيدة عن الصواب .
والبغوي قد صرح في ابتداء كتابه بقوله : أعني بالصحاح كذا ، وبالحسان كذا ، وما قال : أراد المحدثون بهما كذا ، فلا يرد عليه شيء مما ذكره خصوصا .
وقد قال : وما كان فيها من ضعيف أو غريب ، أشرت إليه ، وأعرضت عما كان منكرا أو موضوعا ، وأيده شيخنا بحكمه في قسم الحسان بصحة بعض أحاديثه تارة ، إما نقلا عن الترمذي أو غيره ، وضعفه أخرى بحسب ما يظهر له من ذلك ; إذ لو أراد بالحسان الاصطلاح العام ، ما نوعه .
ولا تضر المناقشة له في ذكره ما يكون منكرا بعد التزامه الإعراض عنه ; كقوله في باب السلام من الأدب : ويروى عن جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=929720عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، السلام قبل الكلام . وهذا منكر ، ولا تصريحه بالصحة والنكارة في بعض ما أطلق عليه الحسان .
كما لا يضره ترك حكاية تنصيص الترمذي في بعضها بالصحة أحيانا ، ولا إدخاله في الفصل الأول المسمى بالصحاح عدة روايات ليست في الصحيحين ، ولا في أحدهما مع التزامه الاقتصار عليهما ; لأن ذلك يكون لأمر خارجي يرجع إلى الذهول ونحوه ، بل أحسن من هذا في العذر عنه بالنسبة إلى الأخير فقط أنه يذكر أصل الحديث منهما أو من أحدهما .
ثم يتبع ذلك باختلاف لفظه ، ولو بزيادة في نفس ذلك الخبر يكون بعض من خرج السنن أوردها ، فيشير هو إليها لكمال الفائدة .
( ومن عليها ) أي : السنن كلها أو بعضها ( أطلق الصحيحا ) كالحاكم والخطيب ; حيث أطلقا الصحة على الترمذي ، وابن منده nindex.php?page=showalam&ids=12757وابن السكن على كتابي أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، والحاكم على أبي داود ، وجماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=12099أبو علي النيسابوري [ ص: 114 ] nindex.php?page=showalam&ids=13357وأبو أحمد بن عدي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والخطيب على كتاب nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ; حتى شذ بعض المغاربة ، ففضله على كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، كما قدمته في " أصح كتب الحديث " مع رده .