الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل في صفة المخرج في الكمال والنقصان

                                                                                                                                                                        أسباب النقص في هذا الباب خمسة .

                                                                                                                                                                        أحدها : المرض ، فإن كانت ماشيته كلها مراضا ، أجزأته مريضة متوسطة . ولو كان بعضها صحيحا وبعضها مريضا ، فإن كان الصحيح قدر الواجب فأكثر - لم تجز المريضة إن كان الواجب حيوانا واحدا ، فإن كان اثنين ونصف ماشيته صحاح ونصفها مراض ، كبنتي لبون في ست وسبعين ، وكشاتين في مائتين ، فهل يجوز أن يخرج صحيحة ومريضة ؟ وجهان حكاهما في التهذيب . أصحهما عنده : يجوز ، وأقربهما إلى كلام الأكثرين : لا . وإن كان الصحيح من ماشيته دون قدر الواجب ، كشاتين في مائتين ليس فيها صحيحة إلا واحدة - فالمذهب أنه يجزئه صحيحة ومريضة ، وبه قطع العراقيون والصيدلاني . وقيل : وجهان . ثانيهما : يجب صحيحتان ، قاله الشيخ أبو محمد .

                                                                                                                                                                        [ ص: 165 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا أخرج صحيحة من المال المنقسم إلى الصحاح والمراض ، لم يجب أن يكون من صحاح ماله ، ولا مما يساويها في القيمة ، بل يجب صحيحة لائقة بماله .

                                                                                                                                                                        مثاله : أربعون شاة نصفها صحاح ، وقيمة كل صحيحة ديناران وكل مريضة دينار ، فعليه صحيحة بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة ، وذلك دينار ونصف ، ولو كانت الصحاح ثلاثين ، فعليه صحيحة بثلاثة أرباع قيمة صحيحة وربع مريضة ، وهو دينار ونصف وربع ، ولو لم يكن فيها إلا صحيحة ، فعليه صحيحة وقيمته تسعة وثلاثون جزءا من أربعين من قيمة مريضة ، وجزء من أربعين من صحيحة ، وذلك دينار وربع عشر دينار ، وجميع ذلك ربع عشر المال ، ومتى قوم جملة النصاب وكانت الصحيحة المخرجة ربع عشر القيمة ، كفى . فلو ملك مائة وإحدى وعشرين شاة ، فينبغي أن يكون قيمة الشاتين المأخوذتين جزء من مائة وأحد وعشرين جزءا من قيمة الجملة ، وإن ملك خمسا وعشرين من الإبل يكون قيمة الناقة المأخوذة جزءا من خمسة وعشرين جزءا من قيمة الجملة ، وقس على هذا سائر النصب وواجباتها ، ولو ملك ثلاثين من الإبل نصفها صحاح ونصفها مراض ، وقيمة كل صحيحة أربعة دنانير ، وقيمة كل مريضة ديناران - وجبت صحيحة بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة ، وهو ثلاثة دنانير ، ذكره صاحب التهذيب وغيره . ولك أن تقول : هلا كان هذا ملتفتا إلى أن الزكاة تتعلق بالوقص أم لا ، فإن تعلقت فذاك وإلا قسط المأخوذ عن الخمس والعشرين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية