الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب المحاسبة في القراض

                                                                                                          قال يحيى قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فربح فأراد أن يأخذ حصته من الربح وصاحب المال غائب قال لا ينبغي له أن يأخذ منه شيئا إلا بحضرة صاحب المال وإن أخذ شيئا فهو له ضامن حتى يحسب مع المال إذا اقتسماه قال مالك لا يجوز للمتقارضين أن يتحاسبا ويتفاصلا والمال غائب عنهما حتى يحضر المال فيستوفي صاحب المال رأس ماله ثم يقتسمان الربح على شرطهما قال مالك في رجل أخذ مالا قراضا فاشترى به سلعة وقد كان عليه دين فطلبه غرماؤه فأدركوه ببلد غائب عن صاحب المال وفي يديه عرض مربح بين فضله فأرادوا أن يباع لهم العرض فيأخذوا حصته من الربح قال لا يؤخذ من ربح القراض شيء حتى يحضر صاحب المال فيأخذ ماله ثم يقتسمان الربح على شرطهما قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فتجر فيه فربح ثم عزل رأس المال وقسم الربح فأخذ حصته وطرح حصة صاحب المال في المال بحضرة شهداء أشهدهم على ذلك قال لا تجوز قسمة الربح إلا بحضرة صاحب المال وإن كان أخذ شيئا رده حتى يستوفي صاحب المال رأس ماله ثم يقتسمان ما بقي بينهما على شرطهما قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فجاءه فقال له هذه حصتك من الربح وقد أخذت لنفسي مثله ورأس مالك وافر عندي قال مالك لا أحب ذلك حتى يحضر المال كله فيحاسبه حتى يحصل رأس المال ويعلم أنه وافر ويصل إليه ثم يقتسمان الربح بينهما ثم يرد إليه المال إن شاء أو يحبسه وإنما يجب حضور المال مخافة أن يكون العامل قد نقص فيه فهو يحب أن لا ينزع منه وأن يقره في يده

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          14 - باب المحاسبة في القراض ( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فربح فأراد أن يأخذ حصته من [ ص: 534 ] الربح وصاحب المال غائب قال : لا ينبغي له أن يأخذ شيئا إلا بحضرة صاحب المال ، وإن أخذ شيئا فهو ضامن له حتى يحسب مع المال إذا اقتسماه ) لأنه لا يجوز اتفاقا أن يكون أحد مقاسما لنفسه عن نفسه ، ولا آخذا لها ، ومعطيا لها .

                                                                                                          ( قال مالك : لا يجوز للمتقارضين أن يتحاسبا ويتفاصلا والمال غائب عنهما ، حتى يحضر المال فيستوفي صاحب المال رأس ماله ) عينا أو سلعة إن اتفقا على ذلك ، حكاه ابن حبيب عن مالك يريد سلعة يجوز سلم رأس المال فيها ( ثم يقتسمان الربح على شرطهما ) فيه .

                                                                                                          ( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فاشترى به سلعة وقد كان عليه دين فطلبه غرماؤه فأدركوه ببلد غائب عن صاحب المال وفي يده عرض مربح بين ) ظاهر ( فضله ) زيادته ( فأرادوا أن يباع لهم العرض فيأخذوا حصته من الربح فقال : لا يؤخذ من ربح القراض شيء حتى يحضر صاحب المال فيأخذ ماله ثم يقتسمان الربح على شرطهما ) لأن العامل لا يملك حصته من الربح إلا بعد المقاسمة .

                                                                                                          ( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فتجر فيه فربح ثم عزل رأس المال وقسم الربح فأخذ حصته وطرح ) ألقى ( حصة صاحب المال في المال بحضرة شهود ) وفي نسخة : شهداء ( أشهدهم على ذلك قال : لا يجوز قسمة الربح إلا بحضرة صاحب المال ، [ ص: 535 ] وإن كان أخذ شيئا رده حتى يستوفي صاحب المال رأس ماله ثم يقسمان ما بقي بينهما من الربح على شرطهما ) ولا ينفعه الإشهاد ؛ لأنه أشهد على ما لا يجوز له فعله ، فإن تجر فيه فحصة رب المال في ذلك الربح وهو قطعة من مال القراض .

                                                                                                          ( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فجاءه فقال : هذه حصتك من الربح وقد أخذت لنفسي مثله ورأس مالك وافر عندي قال : لا أحب ذلك حتى يحضر المال كله فيحاسبه حتى يحصل رأس المال ويعلم أنه وافر ) أي كامل ( ويصل إليه ، ثم يقتسمان الربح بينهما ، ثم يرد إليه المال ) إن شاء ( أو يحبسه ) يمنعه عنه .

                                                                                                          ( وإنما يجب حضور المال مخافة أن يكون العامل قد نقص فيه فهو يحب أن لا ينزع منه وأن يقره في يده ) يبقيه عنده لئلا يشاع عنه أنه نقص مال القراض فينفر من معاملته .




                                                                                                          الخدمات العلمية