الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا أحرز الغانمون الغنيمة ، فينبغي للإمام أن يعجل قسمتها ، ويكره له التأخير من غير عذر ، فإذا قسم ، فكل من أصابه مال زكوي وهو نصاب ، أو بلغ مع غيره من ملكه نصابا ، ابتدأ من حينئذ حوله ، ولو تأخرت القسمة بعذر أو غيره حولا ، فإن لم يختاروا التملك فلا زكاة ؛ لأنها غير مملوكة للغانمين ، أو مملوكة ملكا في غاية من الضعف ، يسقط بالأعراض . وللإمام في قسمتها أن يخص بعضهم ببعض الأنواع أو بعض الأعيان إن اتحد النوع ، ولا يجوز هذا في سائر القسم إلا بالتراضي ، وإن اختاروا التملك ومضى حول من وقت الاختيار ، فإن كانت الغنيمة أصنافا فلا زكاة ، سواء كانت مما تجب الزكاة في جميعها أو بعضها ؛ [ ص: 201 ] لأن كل واحد لا يدري ما يصيبه وكم يصيبه .

                                                                                                                                                                        وإن لم يكن إلا صنف زكوي ، وبلغ نصيب كل واحد نصابا فعليهم الزكاة . وإن بلغ مجموع أنصبائهم نصابا ، وكانت ماشية ، وجبت الزكاة وهم خلطاء . وكذا لو كانت غير ماشية وأثبتنا الخلطة فيه . ولو كانت أنصباؤهم تتم بالخمس نصابا ، فلا زكاة عليهم ؛ لأن الخلطة مع أهل الخمس لا تثبت ؛ لأنه لا زكاة فيه بحال ؛ لأنه لغير معين ، فأشبه مال بيت المال ، والمساجد ، والربط . هذا حكم الغنيمة على ما ذكره الجمهور من العراقيين والخراسانيين ، وهو المذهب ، ولنا وجه قطع به في التهذيب أنه لا زكاة قبل إفراز الخمس بحال ، ووجه أنه تجب الزكاة في حال عدم اختيار الملك ، وقال إمام الحرمين والغزالي : إن قلنا : الغنيمة لا تملك قبل القسمة ، فلا زكاة ، وإن قلنا : تملك ، فثلاثة أوجه ، أحدها : لا زكاة ؛ لضعف الملك ، والثاني : تجب ؛ لوجود الملك ، والثالث : إن كان فيها ما ليس زكويا فلا زكاة ، وإلا وجبت .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية