(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قال قد أوتيت سؤلك يا موسى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=37ولقد مننا عليك مرة أخرى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=40إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=43اذهبا إلى فرعون إنه طغى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) .
[ ص: 45 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قال قد أوتيت سؤلك ياموسى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=37ولقد مننا عليك مرة أخرى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=40إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر ياموسى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=43اذهبا إلى فرعون إنه طغى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) .
اعلم أن السؤل هو الطلب ، فعل بمعنى مفعول كقولك : خبز بمعنى مخبوز وأكل بمعنى مأكول ، واعلم أن
موسى عليه السلام لما سأل ربه تلك الأمور الثمانية ، وكان من المعلوم أن قيامه بما كلف به تكليف لا يتكامل إلا بإجابته إليها ، لا جرم أجابه الله تعالى إليها ليكون أقدر على الإبلاغ على الحد الذي كلف به فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قد أوتيت سؤلك ياموسى ) وعد ذلك من النعم العظام عليه لما فيه من وجوه المصالح ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=37ولقد مننا عليك مرة أخرى ) فنبه بذلك على أمور :
أحدها : كأنه تعالى قال : إني راعيت مصلحتك قبل سؤالك فكيف لا أعطيك مرادك بعد السؤال .
وثانيها : إني كنت قد ربيتك فلو منعتك الآن مطلوبك لكان ذلك ردا بعد القبول وإساءة بعد الإحسان فكيف يليق بكرمي .
وثالثها : إنا لما أعطيناك في الأزمنة السالفة كل ما احتجت إليه ورقيناك من حالة نازلة إلى درجة عالية دل هذا على أنا نصبناك لمنصب عال ومهم عظيم فكيف يليق بمثل هذه الرتبة المنع من المطلوب ، وههنا سؤالان :
السؤال الأول : لم ذكر تلك النعم بلفظ المنة مع أن هذه اللفظة لفظة مؤذية والمقام مقام التلطف ؟ والجواب إنما ذكر ذلك ليعرف
موسى عليه السلام أن هذه النعم التي وصلت إليه ما كان مستحقا لشيء منها بل إنما خصه الله تعالى بها بمحض التفضل والإحسان .
السؤال الثاني : لم قال مرة أخرى مع أنه تعالى ذكر مننا كثيرة ؟ والجواب : لم يعن بمرة أخرى مرة واحدة من المنن لأن ذلك قد يقال في القليل والكثير . واعلم أن المنن المذكورة ههنا ثمانية :
المنة الأولى : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له ) أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إذ أوحينا ) فقد اتفق الأكثرون على أن
أم موسى عليه السلام ما كانت من الأنبياء والرسل فلا يجوز أن يكون المراد من هذا الوحي هو الوحي الواصل إلى الأنبياء وكيف لا نقول ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=7641_15079والمرأة لا تصلح للقضاء والإمامة بل عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله لا تمكن من تزويجها نفسها ، فكيف تصلح للنبوة ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ) [ الأنبياء : 6 ] وهذا صريح في الباب ، وأيضا فالوحي قد جاء في القرآن لا بمعنى النبوة قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=68وأوحى ربك إلى النحل ) [ النحل : 68 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=111وإذ أوحيت إلى الحواريين ) [ المائدة : 111 ] ثم اختلفوا في المراد بهذا الوحي على وجوه :
أحدها : المراد رؤيا رأتها
أم موسى عليه السلام وكان تأويلها وضع
موسى عليه السلام في التابوت وقذفه في البحر وأن الله تعالى يرده إليها .
وثانيها : أن المراد عزيمة جازمة وقعت في قلبها دفعة واحدة فكل من تفكر فيما وقع إليه ظهر له الرأي الذي هو أقرب إلى الخلاص ويقال لذلك الخاطر إنه وحي .
وثالثها : المراد منه الإلهام لكنا متى بحثنا عن
nindex.php?page=treesubj&link=22160الإلهام كان معناه خطور رأي بالبال وغلبة على القلب فيصير هذا هو الوجه الثاني ، وهذه الوجوه الثلاثة يعترض عليها بأن الإلقاء في البحر قريب من الإهلاك وهو مساو للخوف الحاصل من القتل المعتاد من فرعون ، فكيف
[ ص: 46 ] يجوز الإقدام على أحدهما لأجل الصيانة عن الثاني .
والجواب : لعلها عرفت بالاستقراء صدق رؤياها فكان إفضاء الإلقاء في البحر إلى السلامة أغلب على ظنها من وقوع الولد في يد
فرعون .
ورابعها : لعله أوحي إلى بعض الأنبياء في ذلك الزمان
كشعيب عليه السلام أو غيره ثم إن ذلك النبي عرفها ، إما مشافهة أو مراسلة ، واعترض عليه بأن الأمر لو كان كذلك لما لحقها من أنواع الخوف ما لحقها . والجواب : أن ذلك الخوف كان من لوازم البشرية كما أن
موسى عليه السلام كان يخاف
فرعون مع أن الله تعالى كان يأمره بالذهاب إليه مرارا .
وخامسها : لعل الأنبياء المتقدمين
كإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام أخبروا بذلك وانتهى ذلك الخبر إلى تلك المرأة .
وسادسها : لعل الله تعالى بعث إليها ملكا لا على وجه النبوة كما بعث إلى
مريم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فتمثل لها بشرا سويا ) [ مريم : 17 ] وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38ما يوحى ) فمعناه وأوحينا إلى أمك ما يجب أن يوحى ، وإنما وجب ذلك الوحي ؛ لأن الواقعة واقعة عظيمة ولا سبيل إلى معرفة المصلحة فيها إلا بالوحي فكان الوحي واجبا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=37وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=40إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=43اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) .
[ ص: 45 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=37وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=40إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=43اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) .
اعْلَمْ أَنَّ السُّؤْلَ هُوَ الطَّلَبُ ، فُعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَقَوْلِكَ : خُبْزٌ بِمَعْنَى مَخْبُوزٍ وَأَكْلٌ بِمَعْنَى مَأْكُولٍ ، وَاعْلَمْ أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَأَلَ رَبَّهُ تِلْكَ الْأُمُورَ الثَّمَانِيَةَ ، وَكَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيَامَهُ بِمَا كُلِّفَ بِهِ تَكْلِيفٌ لَا يَتَكَامَلُ إِلَّا بِإِجَابَتِهِ إِلَيْهَا ، لَا جَرَمَ أَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا لِيَكُونَ أَقْدَرَ عَلَى الْإِبْلَاغِ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي كُلِّفَ بِهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى ) وَعَدَّ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ الْعِظَامِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=37وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ) فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أُمُورٍ :
أَحَدُهَا : كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : إِنِّي رَاعَيْتُ مَصْلَحَتَكَ قَبْلَ سُؤَالِكَ فَكَيْفَ لَا أُعْطِيكَ مُرَادَكَ بَعْدَ السُّؤَالِ .
وَثَانِيهَا : إِنِّي كُنْتُ قَدْ رَبَّيْتُكَ فَلَوْ مَنَعْتُكَ الْآنَ مَطْلُوبَكَ لَكَانَ ذَلِكَ رَدًّا بَعْدَ الْقَبُولِ وَإِسَاءَةً بَعْدَ الْإِحْسَانِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِكَرَمِي .
وَثَالِثُهَا : إِنَّا لَمَّا أَعْطَيْنَاكَ فِي الْأَزْمِنَةِ السَّالِفَةِ كُلَّ مَا احْتَجْتَ إِلَيْهِ وَرَقَّيْنَاكَ مِنْ حَالَةٍ نَازِلَةٍ إِلَى دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّا نَصَّبْنَاكَ لِمَنْصِبٍ عَالٍ وَمَهَمٍّ عَظِيمٍ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِمِثْلِ هَذِهِ الرُّتْبَةِ الْمَنْعُ مِنَ الْمَطْلُوبِ ، وَهَهُنَا سُؤَالَانِ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : لِمَ ذَكَرَ تِلْكَ النِّعِمَ بِلَفْظِ الْمِنَّةِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَفْظَةٌ مُؤْذِيَةٌ وَالْمَقَامُ مَقَامُ التَّلَطُّفِ ؟ وَالْجَوَابُ إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِيَعْرِفَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ هَذِهِ النِّعِمَ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْهِ مَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِشَيْءٍ مِنْهَا بَلْ إِنَّمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا بِمَحْضِ التَّفَضُّلِ وَالْإِحْسَانِ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : لِمَ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنَنًا كَثِيرَةً ؟ وَالْجَوَابُ : لَمْ يَعْنِ بِمَرَّةٍ أُخْرَى مَرَّةً وَاحِدَةً مِنَ الْمِنَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُقَالُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ . وَاعْلَمْ أَنَّ الْمِنَنَ الْمَذْكُورَةَ هَهُنَا ثَمَانِيَةٌ :
الْمِنَّةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ) أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38إِذْ أَوْحَيْنَا ) فَقَدِ اتَّفَقَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ
أُمَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كَانَتْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْوَحْيِ هُوَ الْوَحْيَ الْوَاصِلَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَكَيْفَ لَا نَقُولُ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=7641_15079وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ بَلْ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا ، فَكَيْفَ تَصْلُحُ لِلنُّبُوَّةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=7وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 6 ] وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْبَابِ ، وَأَيْضًا فَالْوَحْيُ قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ لَا بِمَعْنَى النُّبُوَّةِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=68وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) [ النَّحْلِ : 68 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=111وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 111 ] ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْوَحْيِ عَلَى وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : الْمُرَادُ رُؤْيَا رَأَتْهَا
أَمُّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ تَأْوِيلُهَا وَضْعَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّابُوتِ وَقَذْفَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرُدُّهُ إِلَيْهَا .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الْمُرَادَ عَزِيمَةٌ جَازِمَةٌ وَقَعَتْ فِي قَلْبِهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً فَكُلُّ مَنْ تَفَكَّرَ فِيمَا وَقَعَ إِلَيْهِ ظَهَرَ لَهُ الرَّأْيُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْخَلَاصِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْخَاطِرِ إِنَّهُ وَحْيٌ .
وَثَالِثُهَا : الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِلْهَامُ لَكِنَّا مَتَى بَحَثْنَا عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=22160الْإِلْهَامِ كَانَ مَعْنَاهُ خُطُورَ رَأْيٍ بِالْبَالِ وَغَلَبَةٍ عَلَى الْقَلْبِ فَيَصِيرُ هَذَا هُوَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ ، وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ يُعْتَرَضُ عَلَيْهَا بِأَنَّ الْإِلْقَاءَ فِي الْبَحْرِ قَرِيبٌ مِنَ الْإِهْلَاكِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِلْخَوْفِ الْحَاصِلِ مِنَ الْقَتْلِ الْمُعْتَادِ مِنْ فِرْعَوْنَ ، فَكَيْفَ
[ ص: 46 ] يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَجْلِ الصِّيَانَةِ عَنِ الثَّانِي .
وَالْجَوَابُ : لَعَلَّهَا عَرَفَتْ بِالِاسْتِقْرَاءِ صِدْقَ رُؤْيَاهَا فَكَانَ إِفْضَاءُ الْإِلْقَاءِ فِي الْبَحْرِ إِلَى السَّلَامَةِ أَغْلَبَ عَلَى ظَنِّهَا مِنْ وُقُوعِ الْوَلَدِ فِي يَدِ
فِرْعَوْنَ .
وَرَابِعُهَا : لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ
كَشُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ النَّبِيَّ عَرَّفَهَا ، إِمَّا مُشَافَهَةً أَوْ مُرَاسَلَةً ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا لَحِقَهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْخَوْفِ مَا لَحِقَهَا . وَالْجَوَابُ : أَنَّ ذَلِكَ الْخَوْفَ كَانَ مِنْ لَوَازِمِ الْبَشَرِيَّةِ كَمَا أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَخَافُ
فِرْعَوْنَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يَأْمُرُهُ بِالذَّهَابِ إِلَيْهِ مِرَارًا .
وَخَامِسُهَا : لَعَلَّ الْأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ
كَإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَخْبَرُوا بِذَلِكَ وَانْتَهَى ذَلِكَ الْخَبَرُ إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ .
وَسَادِسُهَا : لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْهَا مَلَكًا لَا عَلَى وَجْهِ النُّبُوَّةِ كَمَا بَعَثَ إِلَى
مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ) [ مَرْيَمَ : 17 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=38مَا يُوحَى ) فَمَعْنَاهُ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يَجِبُ أَنْ يُوحَى ، وَإِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ الْوَحْيُ ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاقِعَةٌ عَظِيمَةٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا إِلَّا بِالْوَحْيِ فَكَانَ الْوَحْيُ وَاجِبًا .