القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29006nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ( 2 ) )
يقول -
nindex.php?page=treesubj&link=33679_29693_30455تعالى ذكره - : مفاتيح الخير ومغالقه كلها بيده ; فما يفتح الله للناس
[ ص: 437 ] من خير فلا مغلق له ، ولا ممسك عنهم ، لأن ذلك أمره لا يستطيع أمره أحد ، وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم ولا يفتحه لهم ، فلا فاتح له سواه ; لأن الأمور كلها إليه وله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة ) أي : من خير (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2فلا ممسك لها ) فلا يستطيع أحد حبسها (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) وقال - تعالى ذكره - ( فلا ممسك لها ) فأنث ما لذكر الرحمة من بعده وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) فذكر اللفظ " ما " لأن لفظه لفظ مذكر ، ولو أنث في موضع التذكير للمعنى وذكر في موضع التأنيث للفظ جاز ، ولكن الأفصح من الكلام التأنيث إذا ظهر بعد ما يدل على تأنيثها والتذكير إذا لم يظهر ذلك .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وهو العزيز الحكيم ) يقول : وهو العزيز في نقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته ، الحكيم في تدبير خلقه وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحا ، وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29006nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 2 ) )
يَقُولُ -
nindex.php?page=treesubj&link=33679_29693_30455تَعَالَى ذِكْرُهُ - : مَفَاتِيحُ الْخَيْرِ وَمَغَالِقُهُ كُلُّهَا بِيَدِهِ ; فَمَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ
[ ص: 437 ] مِنْ خَيْرٍ فَلَا مُغْلِقَ لَهُ ، وَلَا مُمْسِكَ عَنْهُمْ ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرُهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَمْرَهُ أَحَدٌ ، وَكَذَلِكَ مَا يُغْلِقُ مِنْ خَيْرٍ عَنْهُمْ فَلَا يَبْسُطُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَفْتَحُهُ لَهُمْ ، فَلَا فَاتِحَ لَهُ سِوَاهُ ; لِأَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا إِلَيْهِ وَلَهُ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) أَيْ : مِنْ خَيْرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ) فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ حَبْسَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ) وَقَالَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ( فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ) فَأَنَّثَ مَا لِذِكْرِ الرَّحْمَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ) فَذَكَّرَ اللَّفْظَ " مَا " لِأَنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ مُذَكَّرٍ ، وَلَوْ أَنَّثَ فِي مَوْضِعِ التَّذْكِيرِ لِلْمَعْنَى وَذَكَّرَ فِي مَوْضِعِ التَّأْنِيثِ لِلَفْظٍ جَازَ ، وَلَكِنَّ الْأَفْصَحَ مِنَ الْكَلَامِ التَّأْنِيثُ إِذَا ظَهَرَ بَعْدُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْنِيثِهَا وَالتَّذْكِيرُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) يَقُولُ : وَهُوَ الْعَزِيزُ فِي نِقْمَتِهِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ خَلْقِهِ بِحَبْسِ رَحْمَتِهِ عَنْهُ وَخَيْرَاتِهِ ، الْحَكِيمُ فِي تَدْبِيرِ خَلْقِهِ وَفَتْحِهِ لَهُمُ الرَّحْمَةَ إِذَا كَانَ فَتْحُ ذَلِكَ صَلَاحًا ، وَإِمْسَاكِهِ إِيَّاهُ عَنْهُمْ إِذَا كَانَ إِمْسَاكُهُ حِكْمَةً .