الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حكم من تكلم في القدر ومن أمسك عنه

وعن عائشة - رضي الله عنها - ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من تكلم في شيء من القدر ، سئل عنه يوم القيامة ، ومن لم يتكلم فيه ، لم يسأل عنه» رواه ابن ماجه .

قال في الترجمة : يعني : بحث في شيء من مسائل القضاء والقدر وأحكامهما .

والمقصود : الزجر والمنع من الخوض فيه ، والوقوع في هذه المسألة; أي : لا فائدة في التكلم والوقوع فيها ، إلا المسؤولية والعتاب يوم القيامة .

فالأولى أن يؤمن به ويسكت ، ويشتغل بالعمل ، ولا يبحث عنه . انتهى .

قلت : وهذه المسألة مما خالف فيه المتكلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يرفعوا إلى ما قال رأسا ، وهم مسؤولون بنص هذا الحديث كما قال تعالى : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون [الأنبياء : 23] .

وعن نافع : أن رجلا أتى ابن عمر ، فقال : إن فلانا يقرئ عليك السلام - وسمى رجلا كان على مذهب القدر ، وأحدث هذه البدعة ، فقال : إنه بلغني أنه قد أحدث; أي : ابتدع في الدين ما ليس منه ، وهو التكذيب بالقدر وإنكاره ، فإن كان قد أحدث ، فلا تقرئه مني السلام; كناية عن عدم قبول السلام ، كذا قاله الطيبي . والأظهر : أن مراده : أن لا تبلغه مني السلام ، أو رده ، فإنه ببدعته لا يستحق [ ص: 166 ] جواب السلام ، ولو كان من أهل الإسلام . كذا في «المرقاة» ; فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يكون في - أمتي أو في هذه الأمة - خسف ومسخ أو قذف في أهل القدر» . قال في الترجمة : ومن هنا علم أن ظهور هذه البدعة ، وحدوث هذا المذهب ، كان في أواخر زمن الصحابة - رضي الله عنهم - . انتهى . رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب .

قلت : ومن المكذبين بالقدر : الفرقة النابغة في هذا العصر المسماة بالنيفرية ، وهم الدهرية في الحقيقة ، أنكروا القضاء والقدر ، واتكلوا على التدبير ، تبعا للطائفة الضالة ، واستطار شرهم إلى أكثر العوام ، وعبد الدراهم والدنانير .

فما أحقهم بترك السلام والكلام !! ؟ وإن ادعوا أنهم من أهل الإسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية