الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7128 ) فصل : والسحر الذي ذكرنا حكمه . هو الذي يعد في العرف سحرا ، مثل فعل لبيد بن الأعصم ، حين سحر النبي صلى الله عليه وسلم في مشط ومشاطة . وروينا في مغازي الأموي أن النجاشي دعا السواحر ، فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد ، فهام مع الوحش ، فلم يزل معها إلى إمارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمسكه إنسان ، فقال : خلني وإلا مت ، فلم يخله ، فمات من ساعته . وبلغنا أن بعض الأمراء أخذ ساحرة ، فجاء زوجها كأنه محترق ، فقال : قولوا لها تحل عني . فقالت : ائتوني بخيوط وباب . فأتوها به ، فجلست على الباب ، حين أتوها به وجعلت تعقد ، وطار بها الباب ، فلم يقدروا عليها . فهذا وأمثاله ، مثل أن يعقد الرجل المتزوج ، فلا يطيق وطء زوجته ، هو السحر المختلف في حكم صاحبه ، فأما الذي يعزم على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ، ويأمرها فتطيعه ، فهذا لا يدخل في هذا الحكم ظاهرا . وذكره القاضي ، وأبو الخطاب في جملة السحرة .

                                                                                                                                            وأما من يحل السحر ، فإن كان بشيء من القرآن ، أو شيء من الذكر والإقسام والكلام الذي لا بأس به ، فلا بأس به ، وإن كان بشيء من السحر ، فقد توقف أحمد عنه . قال الأثرم سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر ، فقال : قد رخص فيه بعض الناس . قيل لأبي عبد الله : إنه يجعل الطنجير ماء ، ويغيب فيه ، ويعمل كذا ، فنفض يده كالمنكر ، وقال : ما أدري ما هذا ؟ قيل له : فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر ؟ فقال : ما أدري ما هذا ؟ [ ص: 37 ]

                                                                                                                                            وروي عن محمد بن سيرين ، أنه سئل عن امرأة يعذبها السحرة ، فقال رجل : أخط خطا عليها ، وأغرز السكين عند مجمع الخط ، وأقرأ القرآن . فقال محمد : ما أعلم بقراءة القرآن بأسا على حال ، ولا أدري ما الخط والسكين ؟ وروي عن سعيد بن المسيب في الرجل يؤخذ عن امرأته ، فيلتمس من يداويه ، فقال : إنما نهى الله عما يضر ، ولم ينه عما ينفع . وقال أيضا : إن استطعت أن تنفع أخاك فافعل . فهذا من قولهم يدل على أن المعزم ونحوه ، لم يدخلوا في حكم السحرة ; ولأنهم لا يسمون به ، وهو مما ينفع ولا يضر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية