الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 463 ] باب

                                                                                      حال النبي صلى الله عليه وسلم لما احتضر

                                                                                      قال الزهري : أخبرني عبيد الله بن عبد الله ، أن عائشة ، وابن عباس قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه ، فقال وهو كذلك : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، يحذر ما صنعوا . متفق عليه .

                                                                                      حدثنا أحمد بن إسحاق بمصر ، قال : أخبرنا عمر بن كرم ببغداد ، قال : أخبرنا عبد الأول بن عيسى قال : أخبرنا عبد الوهاب بن أحمد الثقفي من لفظه سنة سبعين وأربعمائة ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن حسين السلمي إملاء قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث يقول : " أحسنوا الظن بالله عز وجل " . هذا حديث صحيح من العوالي .

                                                                                      وقال سليمان التيمي ، عن قتادة ، عن أنس قال : كانت عامة وصية النبي صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت : " الصلاة وما ملكت أيمانكم " ، حتى جعل يغرغر بها في صدره ، وما يفيض بها لسانه . كذا قال سليمان .

                                                                                      وقال همام : حدثنا قتادة ، عن أبي الخليل ، عن سفينة ، عن أم [ ص: 464 ] سلمة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه : " الله الله ، الصلاة وما ملكت أيمانكم " . قالت : فجعل يتكلم به وما يكاد يفيض . وهذا أصح .

                                                                                      وقال الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن موسى بن سرجس ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت وعنده قدح فيه ماء ، يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ، ثم يقول : " اللهم أعني على سكرة الموت " .

                                                                                      وقال سعد بن إبراهيم ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كنا نتحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يخير بين الدنيا والآخرة ، فلما مرض عرضت له بحة ، فسمعته يقول : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ( 69 ) ) [ النساء ] فظننا أنه كان يخير . متفق عليه .

                                                                                      وقال نحوه الزهري ، عن ابن المسيب وغيره ، عن عائشة . وفيه زيادة : قالت عائشة : كانت تلك الكلمة آخر كلمة تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم " الرفيق الأعلى " . البخاري .

                                                                                      وقال مبارك بن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس قال : لما قالت فاطمة عليها السلام : " واكرباه " قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتارك منه أحدا الموافاة يوم القيامة " . وبعضهم يقول : مبارك ، عن الحسن ، ويرسله .

                                                                                      وقال حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثقل جعل يتغشاه - يعني الكرب - فقالت فاطمة : " واكرب أبتاه " ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا كرب على أبيك بعد اليوم " . أخرجه البخاري .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية