الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الوكالة بالقيام على الدار وقبض الغلة والبيع قال - رحمه الله - : وإذا وكل وكيلا بالقيام على داره وإجارتها وقبض غلتها ; لم يكن له أن يبني ولا يرم شيئا منها ; لأنه تصرف وراء ما أمر به ، وأنه إنما أمر بحفظ عينها ، والاعتياض عن منافعها ، والبناء والترميم ليسا من هذا في شيء ، بل هو إحداث شيء آخر فيها فلا يمكنه بدون أمر صاحبها ، وكذلك لا يكون وكيلا في خصومتها ; لأنه مأمور بحفظها كالمودع ; ولا يكون المودع وكيلا بالخصومة لمن يدعي في الوديعة حقا ، فكذلك هذا ، ولو هدم رجل منها بيتا كان وكيلا بالخصومة في ذلك بمنزلة المودع وهذا ; لأن الهادم استهلك شيئا مما في يده ، وقد أمر بحفظه ، وحفظ الشيء بإمساك عينه حال بقائه ، ولا بدل له عند استهلاك العين ولا يتوصل إلى ذلك إلا بأن يخاصم المستهلك ; ليسترد فكان خصما في ذلك كما يكون خصما للغاصب في استرداد العين ، وكذلك لو أجرها من رجل ، فجحد ذلك الرجل الإجارة كان خصما له حتى يثبتها عليه ; لأنه هو الذي باشر العقد ، والإجارة أحد البيعين ، والمباشر للبيع هو الخصم في إثباته عند الحاجة ، وكذلك المباشر للإجارة ، وإن وقعت الحاجة إلى إثبات تسليم العين إليه كان الخصم له في ذلك أيضا ; لأنه هو الذي يسلمها ، وكذلك إن سكنها المستأجر ، وجحد الأجر فإنما كان وجوب الأجر بعقد الوكيل وقبض الحق إليه فكان خصما في إثباته ; لأن الإجارة من العقود التي تتعلق الحقوق فيها بالعاقد ، وليس للوكيل أن يدعي شيئا من هذه الدار لنفسه ; لأنه أقر أنه وكيل فيها ، وذلك يهدم دعواه ، فإن بين كونه مالكا للعين وبين كونه وكيلا فيها منافاة ، فإقراره بالوكالة يجعله مناقضا في دعواه الملك لنفسه ، وليس لهذا الوكيل أن يوكل بها غيره ،

التالي السابق


الخدمات العلمية