الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5018 [ ص: 534 ] 42 - باب: المطلقة إذا خشي [عليها] في مسكن زوجها أن يقتحم عليها، أو تبذو على أهلها بفاحشة

                                                                                                                                                                                                                              5327 ، 5328 - وحدثني حبان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، أن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة. [انظر: 5321، 5322 - مسلم: 1481 - فتح 9 \ 481].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا حبان -أي: بكسر الحاء- ثنا عبد الله، أنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، أن عائشة - رضي الله عنها - أنكرت ذلك على فاطمة. زاد ابن أبي الزناد إلى آخر ما سلف.

                                                                                                                                                                                                                              والوحش -بفتح الواو وإسكان الحاء-: الخلاء الذي لا ساكن به.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (أو تبذو). كذا هو في الأصول من البذاءة بالذال المعجمة، فذكره ابن التين بلفظ: أو تبذو وقال: هو مهموز من بذأت يقال: هو بذيء اللسان، وبذأت عليه إبذاء. ولم يذكر في الباب ما ترجم له وهو البذاءة، وكأنه قاسه على خوف الاقتحام، وقد سلف أيضا أنه كان بها بذاءة.

                                                                                                                                                                                                                              روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت لها: (إنما أخرجك هذا اللسان). ذكره إسماعيل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عائشة . وقد روي مثل هذا عن ابن عباس أنه قال: الفاحشة المبينة: النشوز وسوء الخلق وأن تبذو عليهم، فإذا بذت فقد حل لهم إخراجها .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 535 ] وروى الحارث بن أبي أسامة، عن يزيد بن هارون، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب أنها استطالت على أحمائها وآذتهم بلسانها . روي عن ابن عمر أنه قال: خروجهن من بيوتهن فاحشة . وقد سلف، وهو قول الشعبي .

                                                                                                                                                                                                                              قال إسماعيل: ذهب كل واحد من هؤلاء إلى غير مذهب صاحبه، غير أنه إذا قيل: فاحشة مبينة دل أنه شيء يكون بعضه أبين من بعض، وأما الزنا وغيره من الحدود، فإنما هو حد محدود إذا بلغه الإنسان كان زانيا.

                                                                                                                                                                                                                              وأما غير ذلك من الشر الذي يقع بين الرجل وامرأته، فإن بعضه أكثر من بعض، ويحتاج فيه إلى اجتهاد الرأي، فإن كان شرا لا يطمع في صلاحه بينهم، انتقلت المرأة إلى مسكن غيره، فأما الزنا فليس فيه اجتهاد رأي.

                                                                                                                                                                                                                              وأما من قال إن خروجها فاحشة فهو جائز في كلام العرب، غير أن الأظهر أن خروجها بعد الفاحشة، والله أعلم بإرادته. وإن كان ما حكي من قراءة أبي بن كعب السالفة محفوظا، فهو حجة قوية.

                                                                                                                                                                                                                              وما رواه البخاري، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت في مكان وحش فخيف عليها، يشبه قول مالك وغيره في البدوية المعتدة أنها تنتوي مع أهلها حيث (انتووا) ، وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 536 ] قال المهلب: وإن صحت الرواية أنها أخرجت من أجل البذاء. ففيه دليل أنه يجوز إخراج الرجل المؤذي لجيرانه وتباع الدار عليه ويسقط حق سكناه .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية