الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

من أساليب الإقناع في القـرآن الكريم

الدكتور / معتصم بابكر مصطفى

ثالثا: استراتيجية إنشاء المعاني

تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية في إنشاء ودعم الصور الذهنية من خلال مصادر غير محددة للمعلومات، تعمل على صياغة أو تعديل المعاني التي خبرها الناس عن كل شيء. ويتضمن نموذج المعاني أساسا المقترحات المتشابكة التالية [1] :

1 - الذاكرة عند الإنسان تتيح تطوير المعرفة.

2 - المعرفة موجودة على شكل مفاهيم، وهي تركيبات لها أسماء أو تصنيفات للمعاني التي يذكرها الأشخاص.

3 - معاني المفاهيم يمكن للشخص أن يحصل عليها إما عن طريق الاتصال الحسي المباشر مع النواحي المختلفة للواقع، أو من خلال التفاعل الرمزي مع الجماعات التي تستخدم اللغة.

4 - اللغة هـي أساسا مجموعة من الرموز (اللفظية وغير اللفظية) ، تستخدم في تمييز وتسمية وتصنيف المعاني المتفق عليها.

5 - العادات أو الاتفاقات توجد الروابط بين الرمز والمعنى، وبهذا فهي تتيح عملية الاتصال بين هـؤلاء الذين يلتزمون بالقواعد. [ ص: 43 ]

6 - رموز اللغة المتفق عليها -التي يستخدمها شعب معين- تشكل فهمه أو تفسيره أو سلوكه تجاه عالمه المادي والاجتماعي.

وقد أحصى بعض العلماء وظائف اللغة الاجتماعية فـي الآتي [2] :

أ - اللغة تجعل للمعارف والأفكار البشرية قيما اجتماعية؛ لسبب يقوم على استخدام المجتمع للغة بقصد الدلالة على أفكاره وتجاربه.

ب - اللغـة تحتفظ بالتراث الثقافي والتقاليد الاجتماعية جيلا بعد جيل.

ج - اللغة عبارة عن وسيلة لتعلم الفرد، تعينه على تكييف سلوكه وضبطه حتى يلائم تقاليد المجتمع وسلوكياته.

د - اللغة تزود الفرد بأدوات التفكير، وما وصل المجتمع البشري إلى ما هـو عليه الآن إلا من خلال التعاون الفكري المنظم لحياته، ولا يأتي هـذا التعاون الفكري إلا بالتفاهم وتبادل الأفكار بين أفراد المجتمع، والوسيلة الميسورة لهذا التبادل والتفاهم هـي اللغة. [ ص: 44 ]

ووفقا لاستراتيجية إنشاء المعاني فإن وسائل الإعلام تكون الصور الذهنية لرءوسنا، وتنمي معتقداتنا عن العالم الحقيقي، وتؤثر في سلوكنا، كما أنها تنشئ وتغير وتثبت المعاني ككلمات في لغتنا، وتؤثر هـذه التعديلات للمعاني في استجابتنا للموضوعات المختلفة.

وإذا افترضنا أن وسائل الإعلام يمكن أن تعدل المعاني وتؤثر على السلوك بدون قصد، فإن هـناك أسسا كافية للاعتماد على استراتيجية بناء المعاني بغرض تغيير السلوك عن قصد، فالمعلومات التي تنقل إلى الجماهير يجب أن تكون فاعلة [3] .

والشكل التالي يوضح استراتيجية إنشاء المعاني:



وعموما يمكن تلخيص هـذه الاستراتيجيات في الآتي:

الاستراتيجية النفسية تهدف إلى تعديل أو تنشيط العامل الإدراكي للفرد؛ بينما تهدف الاستراتيجية الثقافية الاجتماعية إلى [ ص: 45 ] صياغة أو تعديل التعريفات لسلوك اجتماعي متفق عليه من قبل الجماعة، أو تعيد تحديد متطلبات ثقافية أو قواعد سلوك للجماعة من خلال أدوار محددة أو مراتب أو عقوبات، فيما تهدف استراتيجية إنشاء المعاني إلى خلق معان جديدة، أو تغيير معان راسخة داخل أي مجتمع من المجتمعات.

وعموما يمكن القول: إن الإقناع في أدبيات الاتصال يرتبط ببناء الرسالة وأسلوب تقديمها. وعلى الرغم مما يشار إليه دائما من تأثيرات لعناصر أخرى في عملية الاتصال إلا أن الرسالة وخصائصها تظل هـي المتغير الأساس والحاسم في تحقيق هـدف الإقناع في الحصول على استجابات موالية. ويعتبر تخطيط الرسالة الإعلامية وبناؤها البداية الناجحة لزيادة التوقعات بنجاح الرسالة العملية الإقناعية [4] .

وفي الفصل القادم نتناول هـذه الجوانب. [ ص: 46 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية