الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
عارم محمد بن الفضل أبو النعمان : اختلط بآخرة ، فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه .

[ ص: 1464 ]

التالي السابق


[ ص: 1464 ] 264 - قوله: (عارم محمد بن الفضل أبو النعمان : اختلط بآخرة ، فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه ) انتهى.

ولم يبين المصنف ابتداء اختلاطه، ولا كم أقام في الاختلاط، ولا من سمع منه قبل الاختلاط وبعده، إلا ما ذكر عن البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي [ ص: 1465 ] وغيرهما من الحفاظ، وأتى به بصيغة (ينبغي) ولم ينقله عن أحد يرجع إليه، مع أن بعض الحفاظ سماعه منه بعد الاختلاط، وهو أبو زرعة الرازي، كما سيأتي، وأنا أبين ذلك إن شاء الله تعالى.

فأما ابتداء اختلاطه: فقد اختلفوا في ذلك، فقال أبو حاتم: "كتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، يعني ومائتين) قال: "ولم أسمع منه بعدما اختلط، فمن سمع منه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد" قال: "وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين".

وقال أبو داود: "بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ومائتين، ثم راجعه عقله، واستحكم به الاختلاف سنة ست عشرة، ومات عارم سنة أربع وعشرين ومائتين" فإذا كان اختلاطه ثماني سنين على قول أبي داود، وأربع سنين على قول أبي حاتم.

وقال الدارقطني: "ما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر".

وأما ابن حبان فإنه قال في (تاريخ الضعفاء): "اختلط في آخر عمره، وتغير، حتى كان لا يدري ما يحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة في روايته [ ص: 1466 ] فما روى عنه القدماء إذا علم أن سماعهم منه كان قبل تغيره إن احتج به محتج بعد العلم بما ذكرت - أرجو أن لا نحرج في فعل ذلك".

وأما رواية المتأخرين عنه فلا يجب إلا التنكب عنها على الأحوال، وإذا لم يعلم التمييز بين سماع المتأخرين والمتقدمين منه يترك الكل، فلا يحتج بشيء منه.

وقد أنكر صاحب (الميزان) قول ابن حبان هذا، ونسبه إلى التخسيف والتهوير، وقال: "لم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرا فأين ما زعم؟!" انتهى.

وأما من سمع منه قبل الاختلاط فأحمد بن حنبل، وعبد الله بن محمد المسندي، وأبو حاتم الرازي، وأبو علي محمد بن أحمد بن خالد الزريقي.

وكذلك ينبغي أن يكون من حدث عنه من شيوخ البخاري أو مسلم وروى عنه في الصحيح شيئا من حديثه، ومع كون البخاري روى عنه في الصحيح [ ص: 1467 ] فقد روى في الصحيح أيضا عن عبد الله بن محمد المسندي عنه.

وروى مسلم في الصحيح عن جماعة عنه، وهم: أحمد بن سعيد الدارمي ، وحجاج بن الشاعر، وأبو داود سليمان بن سعيد السنجي، وعبد بن حميد، وهارون بن عبد الله الحمال.

[ ص: 1468 ] وأما من سمع منه بعد الاختلاط فأبو زرعة الرازي، كما قال أبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز البغوي على قول أبي داود أنه استحكم به الاختلاط سنة ست عشرة، وذلك أن سماع علي بن عبد العزيز كان في سنة سبع عشرة، كما قاله العقيلي. فأما على قول أبي حاتم المتقدم فسماع علي بن عبد العزيز البغوي منه كان قبل اختلاطه. والله أعلم.

وجاء إليه أبو داود فلم يسمع منه؛ لما رأى من اختلاطه، وكذلك إبراهيم الحربي.




الخدمات العلمية