الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
93 - قوله: (ص):" (وإن ما) رواه المدلس بلفظ محتمل حكمه حكم المرسل " .

اعترض عليه بأن البزار الحافظ ذكر في الجزء الذي جمعه فيمن يترك ويقبل: أن من كان لا يدلس إلا عن الثقات كان تدليسه عند أهل العلم مقبولا /.

وبذلك صرح أبو الفتح الأزدي ، وأشار إليه الفقيه أبو بكر الصيرفي في "شرح الرسالة".

وجزم بذلك أبو حاتم ابن حبان وأبو عمر ابن عبد البر وغيرهما في حق سفيان بن عيينة وبالغ ابن حبان في ذلك حتى قال: "إنه لا يوجد له تدليس قط إلا وجد بعينه، وقد بين سماعه فيه من ثقة".

[ ص: 625 ] وفي سؤالات الحاكم للدارقطني : أنه سئل عن تدليس ابن جريج فقال: يجتنب، وأما ابن عيينة فإنه يدلس عن الثقات.

تنبيه:

قال أبو الحسن ابن القطان : "إذا صرح المدلس قبل بلا خلاف، وإذا لم يصرح فقد قبله ما لم يتبين في حديث بعينه أنه لم يسمعه، ورده آخرون ما لم يتبين أنه سمعه.

قال: فإذا روى المدلس حديثا بصيغة محتملة، ثم رواه بواسطة تبين انقطاع الأول عند الجميع".

قلت: وهذا بخلاف غير المدلس، فإن غير المدلس يحمل غالب ما يقع منه من ذلك على أنه سمعه من الشيخ الأعلى ، وثبته فيه الواسطة.

لكن في إطلاق ابن القطان نظر، لأنه قد يدلس الصيغة فيرتكب المجاز، كما يقول مثلا: حدثنا وينوي حدث قومنا أو أهل قريتنا ونحو ذلك. وقد ذكر الطحاوي منه أمثلة من ذلك:

حديث مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أنا وإياكم ندعى بني عبد مناف ... " الحديث.

[ ص: 626 ] قال وأراد بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لقومه وأما هو فلم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال طاووس : "قدم علينا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - اليمن .

وطاووس لم يدرك معاذا - رضي الله عنه - وإنما أراد قدم بلدنا.

وقال الحسن : "خطبنا عتبة بن غزوان " .

يريد أنه خطب أهل البصرة والحسن لم يكن بالبصرة لما خطب عتبة .

قلت: ومن أمثلة ذلك قول ثابت البناني : "خطبنا عمران بن حصين - رضي الله عنه –".

وقوله: "خطبنا ابن عباس - رضي الله عنهما –" والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية