الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8265 - وحدثنا أحمد بن منصور بن سيار قال : نا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة وأبي سعيد أن الناس قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا . قال : فهل تمارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا قال : فإنكم ترونه كذلك ; يحبس الناس يوم القيامة ، ثم يقال : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها حتى يأتيهم تبارك وتعالى ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا . فيضرب الله بين ظهراني جهنم فأكون أول من أجوز من الرسل بأمتي ، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، ودعوة الرسل يومئذ اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا : نعم يا [ ص: 51 ] رسول الله قال : فإنها مثل شوك السعدان تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يخردل ، أو قال : يخردل ومنهم من ينجو حتى إذا أراد الله تبارك وتعالى الرحمة بمن أراد من أهل النار أمر الله تبارك وتعالى أن يخرجوا من كان يعبد الله ، فيخرجونهم يعرفونهم بأثر السجود ، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ; فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم من ماء الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ثم يفرغ الله تبارك وتعالى من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار هو آخر أهل الجنة دخولا الجنة مقبلا على النار ، فيقول : يا رب اصرف وجهي عن النار ; فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها ; فيقول الله تبارك وتعالى هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسألني غير ذلك ؟ فيقول : لا وعزتك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار ; فإذا أقبل على الجنة فرأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال : يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله تبارك وتعالى : أوليس قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت . فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك فيقول : هل عسيت إن أعطيتك أن تسألني غيره ؟ فيقول : لا وعزتك لا أسألك غير ذلك قال : فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة ، فإذا بلغ بابها انفتحت له فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال : يا رب أدخلني الجنة فيقول تبارك وتعالى : ما أغدرك ما أغدرك قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت . فيقول : يا رب [ ص: 52 ] لا تجعلني أشقى خلقك ! فيضحك الله تبارك وتعالى منه ثم يأذن له في دخول الجنة ثم يقول : تمن ، حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تبارك وتعالى وكذا يذكره ربه تبارك وتعالى حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تبارك وتعالى لك ذلك ومثله معه ، قال أبو سعيد الخدري : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لك ذلك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه قال : لك ذلك ومثله معه قال أبو سعيد : أشهد لسمعته يقول : لك ذلك وعشرة أمثاله .

وهذا الحديث رواه شعيب ومعاوية بن يحيى ، عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد عن أبي هريرة وأبي سعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية