الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1721 - أخبرنا أبو عثمان الضبي، أنا أبو محمد الجراحي، نا أبو العباس المحبوبي، نا أبو عيسى، نا قتيبة، نا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقي نصف شعبان، فلا تصوموا".

                                                                            قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ، ومعنى الحديث عند بعض أهل العلم: أن يكون الرجل مفطرا، فإذا بقي شيء من شعبان، أخذ في الصوم لحال شهر رمضان.

                                                                            قال رحمه الله: هذا هو معنى الحديث إلا أن يوافق صوما كان يصومه، بأن يكون قد اعتاد صوم يوم الاثنين والخميس، أو كان يصوم صوم داود، فيصوم على عادته.

                                                                            قال الخطابي: فكان عبد الرحمن بن مهدي ينكره في حديث العلاء، ويشبه إن ثبت أن يكون قد استحب إجمام الصائم في بقية شعبان ليتقوى بذلك على صيام الفرض في شهر رمضان، كما كره للحاج صوم يوم عرفة ليتقوى بالإفطار على الدعاء. [ ص: 239 ] .

                                                                            وقد صح عن مطرف، عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لرجل: "هل صمت من سرر شعبان شيئا؟" قال: لا، قال: "فإذا أفطرت، فصم يومين".

                                                                            وروي عن معاوية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "صوموا الشهر وسره".

                                                                            قوله: "صوموا الشهر"، أراد مستهل الشهر، والعرب تسمي الهلال شهرا.

                                                                            فهذا الحديث في الظاهر معارض لحديث أبي هريرة، "لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم أو يومين".

                                                                            يحكى عن الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، أنهما قالا: سره: أوله.

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي: أنا أنكر هذا التفسير، وأراه غلطا في النقل، ولا أعرف له وجها في اللغة، والصحيح أن سره آخره، يقال: سر الشهر وسرر الشهر وسراره، سمي سرا لاستسرار القمر فيه، وحمل الحديث على أن ذلك الرجل كان قد أوجب صومه على نفسه بنذر، فأمره بالوفاء به، أو كان ذلك عادة قد اعتادها من صيام أواخر الشهر، فترك في آخر شعبان لاستقبال الشهر، فاستحب له النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضيه، والنهي إنما هو في حق من يبتدئه متبرعا من غير إيجاب ولا عادة.

                                                                            وقيل: أراد بسره: وسطه، وسر كل شيء جوفه، وعلى هذا أراد أيام البيض.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية