الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قال : أنت علي كظهر أمي ، ينوي به الطلاق - لم يقع ، وكان ظهارا .

                                                                                                                          وإن قال : أنت علي حرام ، أو ما أحل الله علي حرام ، ففيه ثلاث روايات ، إحداهن : أنه ظهار ، وإن نوى الطلاق ، اختاره الخرقي ، والثانية : كناية ظاهرة ، والثالثة : يمين ، وإن قال : ما أحل الله علي حرام - أعني به الطلاق - فقال أحمد : تطلق امرأته ثلاثا ، وإن قال : أعني به طلاقا ، طلقت واحدة ، وعنه : أنه ظهار فيهما .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قال : أنت علي كظهر أمي ينوي به الطلاق - لم يقع ، وكان ظهارا ) ؛ لأنه صريح في الظهار ، فلم يكن كناية في الطلاق ، كما لا يكون الطلاق صريحا في الظهار ؛ ولأن الظهار تشبيه بمن تحرم عليه على التأبيد ، والطلاق يفيد تحريما غير مؤبد ، ولو صرح به فقال : أعني به الطلاق - لم يصر طلاقا ؛ لأنه لا تصلح الكناية به عنه .

                                                                                                                          [ ص: 282 ] ( وإن قال : أنت علي حرام ، أو ما أحل الله علي حرام ) أو الحل علي حرام ، زاد في " الرعاية " : أو حرمتك ( ففيه ثلاث روايات ) عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - ( إحداهن : أنه ظهار ، وإن نوى الطلاق ، اختاره الخرقي ) وهو المنصوص في رواية جماعة ، وقاله عثمان ، وابن عباس ، وجزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " الفروع " ؛ لقول ابن عباس : في الحرام تحرير رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع ، فإطعام ستين مسكينا . رواه الأثرم ؛ ولأنه صريح في تحريم الزوجة ، فكان ظهارا ، وإن نوى غيره ( والثانية : كناية ظاهرة ) نقل الأثرم وحنبل : الحرام ثلاث ، حتى لو وجدت رجلا حرم امرأته عليه ، وهو يرى أنها واحدة ، فرقت بينهما ، مع أن أكثر الروايات عنه كراهة الفتيا في الكناية الظاهرة .

                                                                                                                          قال في " المستوعب " : لاختلاف الصحابة ؛ ولأنه لو قال : أنا منك حرام كان كناية في وجه ، فتجب إذا قال : أنت حرام كذلك ، وعنه : كناية خفية .

                                                                                                                          ( والثالثة ) هو ( يمين ) وقاله أبو بكر ، وعمر ، وابن عباس ، وعائشة . روى سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول : إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين ، يكفرها ؛ ولقوله تعالى : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك [ التحريم : 1 ] فجعل الحرام يمينا . قال في رواية مهنا : إذا قال : أنت علي حرام ، ونوى يمينا ، ثم تركها أربعة أشهر - لا يكفر إيلاء ، إنما الإيلاء أن يحلف بالله أن لا يقرب امرأته ، فظاهره : أنه إذا نوى اليمين كان يمينا ، فإن نوى شيئا فعنه - والأشهر - : أنه ظهار ، فإن نوى ظهارا [ ص: 283 ] أو طلاقا - فظهار ، وإن قاله لمحرمة بحيض ونحوه ، ونوى أنها محرمة به - فلغو ، وكذا إن أطلق ؛ لأنه يحتمل الخبر ويحتمل إنشاء التحريم ، ذكره المؤلف .

                                                                                                                          قال في " الفروع " : ويتوجه كإطلاقه لأجنبية .

                                                                                                                          فرع : من حلف بالطلاق أنه لا حق عليه لزيد ، فقامت عليه بينة شرعية - حنث حكما ، ذكره السامري وابن حمدان .

                                                                                                                          ( وإن قال : ما أحل الله علي حرام - أعني به الطلاق - فقال أحمد : تطلق امرأته ثلاثا ) ؛ لأنه صريح بلفظ الطلاق ، ووقع ثلاثا ؛ لأن الطلاق معرف بالألف واللام ، وهو يقتضي الاستغراق ، وعنه : يقع ما نواه ؛ لأنهما يرادان لغير الاستغراق ، لا سيما في أسماء الأجناس ، ونقل أبو داود فيمن قال لرجل : ما أحل الله عليه حرام - يعني به الطلاق - إن دخلت لك في خير أو شر ، والرجل مريض يعوده ؛ قال : لا ، ولا يشيع جنازته ، أخاف إنه ثلاثا ، ولا أفتي به ( وإن قال : أعني به طلاقا ، طلقت واحدة ) رواه عنه جماعة ، وهي المشهورة ؛ لأنه صريح في الطلاق ، وليس هذا صريحا في الظهار ، إنما هو صريح في التحريم .

                                                                                                                          وهو ينقسم إلى قسمين ، فإذا بين بلفظ إرادة تحريم الطلاق - صرف إليه ( وعنه : أنه ظهار فيهما ) أي : في المسألتين ؛ لأنه صريح فيه ، فلم يصر طلاقا بقوله : أعني به الطلاق ، أو طلاقا .

                                                                                                                          فرع : لو نوى في : حرمتك على غيري ، فكطلاق - ذكره في " الترغيب " وغيره ، ولو قال : فراشي علي حرام ، فإن نوى امرأته ، فظهار ، وإن نوى فراشه ، فهو يمين - نقله ابن هانئ




                                                                                                                          الخدمات العلمية