الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1130 وحدثني ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه وحدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب بهذا الإسناد إلا أنه قال عن ابن سعيد بن جبير لم يسمه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم ) ( الشارة ) بالشين المعجمة بلا همز وهي الهيئة الحسنة والجمال ، أي يلبسونهن لباسهم الحسن الجميل ، ويقال لها : الشارة والشورة بضم الشين ، وأما ( الحلي ) فقال أهل اللغة : هو بفتح الحاء وإسكان اللام مفرد وجمعه ( حلي ) بضم الحاء وكسرها ، والضم أشهر وأكثر ، وقد قرئ بهما في السبع ، وأكثرهم على الضم ، واللام مكسورة والياء مشددة فيهما .

                                                                                                                [ ص: 204 ] قوله : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء ، وقالوا : إن موسى صامه وإنه اليوم الذي نجوا فيه من فرعون وغرق فرعون ، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمر بصيامه ، وقال : نحن أحق بموسى منهم ) قال المازري : خبر اليهود غير مقبول ، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه بصدقهم فيما قالوه ، أو تواتر عنده النقل بذلك حتى حصل له العلم به ، قال القاضي عياض ردا على المازري : قد روى مسلم أن قريشا كانت تصومه ، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صامه ، فلم يحدث له بقول اليهود حكم يحتاج إلى الكلام عليه ، وإنما هي صفة حال ، وجواب سؤال ، فقوله : ( صامه ) ليس فيه أنه ابتدأ صومه حينئذ بقولهم ، ولو كان هذا لحملناه على أنه أخبر به من أسلم من علمائهم كابن سلام وغيره ، قال القاضي : وقد قال بعضهم : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة ، ثم ترك صيامه حتى علم ما عند أهل الكتاب فيه فصامه ، قال القاضي : وما ذكرناه أولى بلفظ الحديث ، قلت : المختار قول المازري ، ومختصر ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه كما تصومه قريش في مكة ، ثم قدم المدينة فوجد اليهود يصومونه فصامه أيضا بوحي أو تواتر أو اجتهاد ، لا بمجرد أخبار آحادهم . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية