الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السبب الثالث : خلط الوديعة

                                                                                                                وفي الكتاب : إذا خلط الدراهم فضاع الجميع لم يضمن ، أو بعضه فما ضاع ضمنه وما بقي بينكما ; لأن دراهمك لا تعرف من دراهمه ، ولو عرفت لكانت مصيبتها دراهم كل واحد منه ، وكذلك الحنطة إذا خلطها بمثلها للاحتراز والفرق أو بحنطة مخالفة لها أو بشعير ثم ضاع الجميع ضمن ; لأن هذا الخلط فوت ، فإن فعل ذلك صبي فهي ماله ، فإن لم يكن له مال ففي ذمته لك مثل حنطتك وله مثل شعيره لتعديه عليكما ، ولك ترك الصبي ومشاركته في المختلط بقدر قيمة طعامكما بعد العلم بمكيلته ; لأنه عين ماليكما فلكما أخذه وليس لأحدكما أن يعطي الآخر مثل طعامه ويبقي له المخلوط ; لأنه بيع إلا أن يكون هو المتعدي ; لأنه حينئذ قضي ما لزم لا بيع ، في التنبيهات : يريد بالاحتراز خلطهما لفرق من جهة الكراء ، وأضبط للحفظ ، فإن خلط لغير هذا من بعد أو أخذهما لنفسه ضمن ، والطعام والدراهم في هذا سواء ، وقوله : لو عرفت الدراهم لكانت مصيبة كل واحد منه يدل على أنها مختلفة وإن خلطها بالمخالفة لا يضمن ; لتمييزها ، وكذلك يجب في الدراهم بالدنانير ، ومنع سحنون رضاكما بالشركة في الحب المخلوط كما يمتنع خلطكما لذلك ابتداء لغرض الشركة ، واختلف في تفسير شركة الكتاب ففسره سحنون : بأنه يزيد بقيمة ما لكل واحد غير مخلوط ; لأنه الذي طرأ عليه العدوان ; لأنه الواقع في المال المشترك وقيل : بقيمة القمح معيبا فما خلطه به من الشعير مجردا إذ لا يعيبه [ ص: 168 ] القمح ، قاله سحنون ، قال : وتحقيق ذلك على مذهب ابن القاسم : إذا بيع المخلوط اقتسما الثمن على قدر قيمة كل واحد منهما ، وقال أشهب : يشتركان بالكيل لا بالقيم ; لأن كل واحد منهم بدل نصف طعامه بنصف طعام الآخر ، والكيل سواء ولم يجره على القيم ; لأنه عنده كابتداء الشركة على خلط النوعين وذلك لا يجوز ، وقال الأئمة : خلط المثلي إذا لم يتميز فوت ، كان بالجنس كالحنطتين أو بغير الجنس كدهن الورد بالزيت ، ومنع من الشركة لتقرر ملك المودع على الجميع بالضمان ، وقال ( ح ) : إذا اختلطت بماله بغير فعله لم يضمن ; لأن الاستدلال ليس من جهته وتعينت الشركة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية