الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7119 - فذكروا ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : ثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه مثله ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فصار أهل هذا الحديث إنما هو عن ابن عمر رضي الله عنه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                        فأما ما ذكروا من قول الله عز وجل : فليغيرن خلق الله فقد قيل : تأويله ما ذهبوا إليه .

                                                        وقيل : إنه دين الله .

                                                        وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين ، وهما المرضوضان خصاهما ، والمفعول به ذلك قد انقطع أن يكون له نسل ، فلو كان إخصاؤهما مكروها ، إذا لما ضحى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لينتهي الناس عن ذلك ، فلا يفعلونه ، لأنهم متى ما علموا أن ما أخصي تجتنب أو تجافى ، أحجموا عن ذلك ، فلم يفعلوه .

                                                        ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز ، فيما رويناه عنه في باب ركوب البغال أنه أتي بعبد خصي يشتريه ، فقال : ما كنت لأعين على الإخصاء .

                                                        فجعل ابتياعه إياه ، عونا على إخصائه ، لأنه لولا من يبتاعه ، لأنه خصي ، لم يخصه من أخصاه ، فكذلك إخصاء الغنم ، لو كان مكروها ، لما ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد أخصي منها .

                                                        ولا يشبه إخصاء البهائم إخصاء بني آدم ، لأن إخصاء البهائم ، إنما يراد به ما ذكرنا ، من سمانتها ، وقطع عضها ، فذلك مباح .

                                                        وبنو آدم ، فإنما يراد بإخصائهم المعاصي ، فذلك غير مباح .

                                                        [ ص: 318 ] ولو كان ما روينا في أول هذا الباب صحيحا ، لاحتمل أن يكون أريد الإخصاء الذي لا يبقى معه شيء ، من ذكور البهائم ، حتى يخصى ، فذلك مكروه ، لأن فيه انقطاع النسل .

                                                        ألا تراه يقول في ذلك الحديث : منها نشأت الخلق ، أي : فإذا لم ينشأ شيء من ذلك الخلق ، فذلك مكروه .

                                                        فأما ما كان من الإخصاء الذي لا ينقطع منه نشء الخلق ، فهو بخلاف ذلك .

                                                        وقد روي في إباحة إخصاء البهائم ، عن جماعة من المتقدمين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية