الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 35 ] 5624 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، فذكر بإسناده مثله .

                                                        قالوا : قد بين هذا الحديث المعنى الذي ذكرنا .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : ما ذهب من ذلك من شيء ، قل أو كثر ، بعد أن يقبضه المشتري ، ذهب من مال المشتري .

                                                        وما ذهب في يد البائع ، قبل أن يقبضه المشتري ، بطل ثمنه عن المشتري .

                                                        وقالوا : ما هذه الآثار المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ذكرتموها ، فمقبول صحيح على ما جاء .

                                                        ولسنا ندفع من ذلك شيئا لصحة مخرجه ، ولكنا نخالف التأويل الذي تأولها عليه أهل المقالة الأولى ، ونقول : إن معنى الجوائح المذكورة فيها ، هي الجوائح التي يصاب الناس بها ، ويجتاحهم في الأرضين الخراجية التي خراجها للمسلمين ، فيوضع ذلك الخراج عنهم - واجب لازم ، لأن في ذلك صلاحا للمسلمين ، وتقوية لهم في عمارة أرضيهم ، فأما في الأشياء المبيعات ، فلا .

                                                        فهذا تأويل حديث جابر ، الذي في أول هذا الباب .

                                                        وأما حديث جابر الثاني ، فمعناه غير هذا المعنى ، وذلك أنه ذكر فيه البيع ، ولم يذكر فيه القبض .

                                                        فذلك - عندنا - على البياعات التي تصاب في أيدي بائعيها ، قبل قبض المشتري لها ، فلا يحل للباعة أخذ أثمانها ، لأنهم يأخذونها بغير حق .

                                                        فهذا تأويل هذا الحديث عندهم .

                                                        فأما ما قبضه المشترون ، وصار في أيديهم ، فذلك كسائر البياعات التي يقبضها المشترون لها ، فيحدث بها الآفات في أيديهم .

                                                        فكما كان غير الثمار ، يذهب من أموال المشترين لها ، لا من أموال باعتها ، فكذلك الثمار .

                                                        فهذا هو النظر ، وهو أولى ما حمل عليه هذا الحديث

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية