الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7386 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا مسدد وسليمان بن حرب قالا : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

                                                        فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد جعل العتاق في المرض من الثلث ، فكذلك الهبات والصدقات .

                                                        وقد احتج بعض من ذهب إلى هذه المقالة أيضا بحديث الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاده في مرضه ، فقال : أتصدق بمالي كله ؟ فقال : لا ، حتى رده إلى الثلث ، على ما قد ذكرنا في أول هذا الباب .

                                                        قال : ففي هذا الحديث أنه قد جعل صدقته في مرضه من الثلث ، كوصاياه من الثلث من بعد موته .

                                                        ويدخل لمخالفه عليه ، أن مصعب بن سعد روى هذا الحديث ، عن أبيه ، أن سؤاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، إنما كان على الوصية بالصدقة بعد الموت ، على ما ذكرنا عنه ، في أول هذا الباب .

                                                        فليس ما احتج هو به من حديث عامر ، بأولى مما احتج به عليه مخالفه ، من حديث مصعب .

                                                        ثم تكلم الناس بعد هذا فيمن أعتق ستة أعبد له عند موته ، لا مال له غيرهم ، فأبى الورثة أن يجيزوا .

                                                        فقال قوم : يعتق منهم ثلثهم ، ويسعون فيما بقي من قيمتهم ، وممن قال ذلك ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

                                                        وقال آخرون : يعتق منهم ثلثهم ، ويكون ما بقي منهم ، رقيقا لورثة المعتق .

                                                        وقال آخرون : يقرع بينهم ، فيعتق منهم من قرع من الثلث ، ورق من بقي .

                                                        واحتجوا في ذلك بما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران .

                                                        فكان من الحجة لأهل المقالتين الأوليين على أهل هذه المقالة أن ما ذكروا من القرعة المذكورة في حديث [ ص: 382 ] عمران ، منسوخ ؛ لأن القرعة قد كانت في بدء الإسلام ، لتستعمل في أشياء ، فحكم بها فيها ، ويجعل ما قرع منها وهو الشيء الذي كانت القرعة من أجله بعينه .

                                                        من ذلك ، ما كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه حكم به ، في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمن

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية