الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7410 - حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي قيس ، عن هزيل ، مثله .

                                                        ففي هذا الحديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للأخوات من قبل الأب مع الابنة عصبة ، فيصرن مع البنات في حكم الذكور من الإخوة ، من قبل الأب .

                                                        فصار قول النبي صلى الله عليه وسلم : فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر ؛ لأنه عصبة ، ولا عصبة أقرب منه .

                                                        فإذا كان هناك عصبة هي أقرب - من ذلك الرجل - فالمال لها .

                                                        وعلى هذا المعنى ، ينبغي أن يحمل هذا الحديث ، حتى لا يخالف حديث ابن مسعود هذا ، ولا يضاده .

                                                        وسبيل الآثار أن تحمل على الاتفاق ، ما وجد السبيل إلى ذلك ، ولا تحمل على التنافي والتضاد .

                                                        ولو كان حديث ابن عباس ، على ما حمله عليه المخالف لنا ، وجب على مذهبه أن يضاد به حديث ابن مسعود ؛ لأن حديث ابن مسعود هذا مستقيم الإسناد ، صحيح المجيء .

                                                        وحديث ابن عباس مضطرب الإسناد ؛ لأنه قد قطعه من ليس بدون من رفعه ، على ما ذكرنا في أول هذا الباب .

                                                        وأما ما احتجوا به من قول الله عز وجل : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك . فقالوا : إنما ورث الله عز وجل للأخت إذا لم يكن له ولد .

                                                        فالحجة عليهم في ذلك أن الله عز وجل قال أيضا : وهو يرثها إن لم يكن لها ولد .

                                                        [ ص: 393 ] وقد أجمعوا جميعا ، على أنها لو تركت بنتها وأخاها لأبيها ، كان للابنة النصف ، وما بقي فللأخ .

                                                        وأن معنى قول الله عز وجل : إن لم يكن لها ولد ، إنما هو على ولد يحوز كل الميراث ، لا على الولد الذي لا يحوز كل الميراث .

                                                        فالنظر على ذلك ، أيضا ، أن يكون قوله عز وجل : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ، هو على ولد يحوز جميع الميراث ، لا على ولد لا يحوز جميع الميراث .

                                                        فأما ما احتجوا به من مذهب ابن عباس في ذلك ، فإنه خالف فيه سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواه .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية