حكم ترك الصلاة والاعتذار بمشاغل البيت والأسرة

0 674

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
أنا لست قادرة على أداء الصلاة، عمري ما تركت الصلاة، لكن المسئولية والزواج وإنجاب الأطفال والتوتر باستمرار لست قادرة على القيام للصلاة، أرجوكم أنا لا أريد أن أترك الصلاة أبدا، ولا يمكن البعد عن الله وانقطاع الصلاة، أشعر بتوتر وعصبية.
أرجوكم أجيبوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينة عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للإيمان، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه مما لا شك فيه أن قضية الصلاة تأتي على رأس أولويات المسلم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة)، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال أيضا: (بين الرجل والكفر ترك الصلاة) وكما ورد: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) وفي آخر وصية للنبي عليه الصلاة والسلام وهو في لحظاته الأخيرة من الدنيا قال: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)، والله تبارك وتعالى أثنى على المصلين وبين أن الذين لا يصلون لهم عذاب عظيم، فقال سبحانه: ((فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون))[الماعون:4-5]، وقال أيضا: ((فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا))[مريم:59]^، فترك الصلاة من أكبر الجرائم وأعظم الذنوب والكبائر، ومن أجل ذلك النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة فقال: (أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن كانت كاملة كمل سائر عمله، وإن كانت ناقصة نقص سائر عمله)، وفي رواية: (فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله).
فالصلاة هي أعظم عمل عملي من أعمال الإسلام؛ ولذلك اعتبر النبي عليه الصلاة والسلام إقامتها علامة الإيمان، بل سماها الله إيمانا، وتركها من علامات الكفر والعياذ بالله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا وتصوم رمضان).
ولو أننا أخذنا بهذا الكلام الذي تقولينه من أن كل أخت تتزوج ولديها أعمال تترك الصلاة لما صلى إنسان في العالم، إن هناك الملايين من المسلمات أمثالك من فضل الله تعالى لم يمنعهن ذلك من إقامة الصلاة، ولكن الشيطان قد ضحك عليك، والشيطان استحوذ عليك، والشيطان يقول لك بأنك مثلا عندك أولاد وعندك زوج، أسألك بالله تعالى: هل كل امرأة مثلك تترك الصلاة؟ العكس، الفكرة كلها أن الشيطان ضحك عليك واستطاع يغريك بكذبه ودجله من أنك الآن مشغولة وأن عندك مسئوليات عظيمة وعندك زوج وأولاد فاتركي الصلاة؛ لأن الصلاة هذه من أعظم أعمال الدين، ولذلك أول حوار -كما ورد في القرآن الكريم- يدور بين أهل الجنة وأهل النار، قال تعالى: ((إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر))[المدثر:39-42]
كان أول ردهم هو: ((قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين))[المدثر:43-47].
ولذلك أنا أقول لك: إن الحجج التي ذكرتها حجج واهية ولا أساس لها من الصحة، وكل النساء مثلك يصلون، بل إن لديهن مسئوليات أعظم من مسئولياتك عشرات المرات ولم تفكر واحدة منهن كما فكرت أنت -أختي الكريمة (زينة)- ولكن المشكلة التي عندك أن الشيطان ضحك عليك وسول لك وقال لك بأنك مشغولة وأن الجمع بين الصلاة وهذه الأعمال أمر عسير، في حين أن الأمر على خلاف ذلك،
اسألي نفسك: هل كانت أمك تصلي أم لا؟ هل هناك من تصلي ولديها عدد كبير من الأولاد أكثر منك ومسئوليات أكثر أم لا؟
إذن: هذه حجة لا تنفعك يوم القيامة أختي الكريمة زينة!
ومن هنا: فإني أقول لك بارك الله فيك: كما أنك تهتمين بمسئولياتك وزوجك وأولادك فينبغي عليك أن تعظمي دين الله تعالى، وينبغي عليك أن تعلمي بأن هذا أمر يأتي على رأس كل حقوق العالم. نعم إن لزوجك عليك حقا وإن لأولادك عليك حقا ولنفسك عليك حقا، ولكن يأتي على رأس هذه الحقوق جميعا حق الله تعالى، فأنت تحتاجين إلى ترتيب الأولويات، وتحتاجين إلى أن تأخذي خطوة جادة وجريئة تجاه هذا الموقف السلبي الذي أنت فيه، لأنك لو مكثت على هذا الحال فقطعا لو توفاك الله تعالى -نسأل الله لنا ولك السلامة والعافية- على هذه الحال وأنت تاركة للصلاة ماذا سيكون جوابك؟
((ما سلككم في سقر))[المدثر:42] أيكون جوابك: ((لم نك من المصلين))[المدثر:42-43]؟!
من أعظم أعمال الإسلام التي بها يكفر العبد الصلاة، ويدخل النار بتركها الصلاة أيضا، فأنت الآن تعرضين نفسك لغضب الله وعقابه، الشيطان يضحك عليك فينبغي عليك أن تأخذي قرارا من الآن أن لا تتوقفي عن الصلاة مطلقا؛ لأنه إذا لم تساعدي نفسك فلن يساعدك أحدا، والله تبارك وتعالى يقول: ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))[الرعد:11]، اجلسي مع نفسك جلسة وقولي: (لماذا أنا أهتم بالزوج ولا أهتم بالصلاة؟ لماذا أهتم بأولادي ولا أهتم بالصلاة؟ هل هؤلاء عندي أعظم من الصلاة؟ هل هؤلاء سينفعونني يوم القيامة إذا أمر الله بي إلى النار؟ هل هؤلاء سيدخلون معي إلى قبري).
قطعا نحن لا نأمرك أن تقصري في حق الناس ولا في حق أحد من أسرتك؛ لأن الصلاة كلها دقائق معدودة، خمس صلوات لا يزيدون عن ساعة في اليوم، وبقي لك ثلاث وعشرون ساعة -أختي الكريمة- هذه كلها لزوجك ولأولاد ولنفسك وللدنيا، إن الذي تفعلينه خطأ.
إن بعدك عن الله تعالى وانقطاعك عن الصلاة هو سبب هذا التوتر وهذه العصبية؛ لأن النبي كان يقول عليه الصلاة والسلام: (أرحنا بها يا بلال) يعني الصلاة، لذا فإني أقول: عليك أن تتخذي قرارا من الآن بمجرد أن تقرئي هذه الرسالة، تقومي فورا وتصلي، ولا تتقاعصي.
ثانيا: اجعلي الصلاة هي أول عمل بعد الأذان مباشرة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام عندما سئل: (أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها) وفي رواية: (الصلاة في أول وقتها) حتى لا تتكاسلي، أول ما تسمعين الأذان قومي فورا وتوجهي إلى دورة المياه، توضئي ثم صلي، وبعد ذلك أمامك الوقت متسع، تفعلين فيه ما تشائين، هذه الخطوة سوف تعينك بإذن الله تعالى.
القرار الأول: التخلص من الفكرة السلبية، لابد أن أصلي، هذا رقم واحد.
القرار الثاني -بارك الله فيك- أول ما تسمعين الأذان قومي فورا واتركي الذي في يدك واذهبي إلى دورة المياه وتوضئي ثم صلي.
من رحمة الله تعالى أن الله لم يفرض عليك صلاة الجماعة كالرجال، يعني تصوري الآن أن الله فرض عليك صلاة الجماعة في المسجد كالرجال، بذلك لا يمكن أن تدخلي الجنة والعياذ بالله إلا بعد شق الأنفس، أما من رحمة الله تعالى أنه كتب عليك أن تصلي في بيتك، وهي لا تحتاج إلى أي مجهود، الوضوء يأخذ خمس دقائق والصلاة عشر دقائق، انتهت الرحلة، وبذلك تكونين أديت حق الله تعالى.
فإذن الخطوة الأولى كما ذكرت القرار ببدء الصلاة، والخطوة الثانية أول ما تسمعين الأذان تبدئين في الصلاة مباشرة دون تردد.
والنقطة الثالثة: الدعاء إلى الله أن يغفر الله لك وأن يعينك على هذا الأمر.
والنقطة الرابعة: لا تسوفي، لا تقولي سوف، وإنما الآن، افعلي الآن وفورا، وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يعينك الله تعالى، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام عندما أوصى معاذ بن جبل: (لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
عليك بالدعاء، واجعلي حق الله فوق حق الناس؛ لأن الذي خلقك هو الله، والذي رزقك هو الله، والذي أعطاك الصحة والجمال والأولاد والمال هو الله، فلا ينبغي أن تجعلي حق الله تعالى بعد حق عباده، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات