السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا -الحمد لله- فتاة ملتزمة، وأطيع الله وأصلي، ولكن أبي لا يصلي, وأخي أيضا لا يصلي، وأنا خائفة عليهم، وأتمنى أن يصلوا ويطيعوا ربنا, علما بأن أبي عمره 55 سنة، وأخي متزوج وعمره 28 سنة، وأنا أصغر أخت له وعمري 18 سنة.
أنا أرجو منكم أن ترشدوني إلى طريقة أستطيع بها -بفضل الله عز وجل- أن يعودوا إلى الصلاة، ولكن دون أن أجرحهم, أو أغضبهم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحا واستقامة وهدى، وأن يجعلك من الصالحات القانتات الداعيات إليه على بصيرة، وأن يسترك في الدنيا والآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – من أن الله قد من عليك بالالتزام والطاعة، ولكن والدك وأحد إخوانك أيضا لا يصليان، وأنت تخافين عليهما, وتتمنين أن يكرمهما الله تبارك وتعالى بالصلاة والطاعة، ووالدك وصل إلى مرحلة متقدمة في السن، وكذلك أخوك المتزوج أيضا، وتقولين ما هو السبيل؟ وما هي الطريقة لإقناعهم بالمحافظة على الصلاة؟
أقول لك -ابنتي الكريمة الفاضلة (آية)-: إنه مما لا شك فيه أن ترك الصلاة من أعظم المعاصي التي يقترفها المسلم في حياته؛ لأن الصلاة هي أعظم حق من حقوق الله تبارك وتعالى على العباد، ولذلك أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، ولقد وردت آيات كثيرة جدا تبين لنا خطورة ترك الصلاة, والآثار المترتبة عليها، ومن ذلك قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} قال ابن عباس - رضي الله عنهما – في شرح هذه الآية: الغي هو واد في جهنم تستجير جهنم من حره، أعده الله لتارك الصلاة, والمتكاسل عنها.
إلى غير ذلك من النصوص التي أعتقد أنك قرأت كثيرا منها، ولذلك تريدين الحل الفوري.
أقول لك أولا: إن الحل يكمن في النقاط التالية:
النقطة الأولى: الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورهم للصلاة, والمحافظة عليها، والدعاء ليس شيئا سهلا، وإنما هو أعظم سلاح يستعمله الإنسان في تغيير الواقع مهما كان.
النقطة الثانية: أتمنى أن تبحثي عن شريط يسمى (لماذا لا تصلي) للشيخ محمد حسين يعقوب، وهو كان منتشرا فترة في مصر، وله انتشار واسع, وترتب عليه خير كثير, وآلاف مؤلفة ممن استمعوا إليه من الله عز وجل عليهم بالصلاة.
إذن ابحثي في المكتبات الإسلامية, والتسجيلات الإسلامية, وأمام المساجد, واسألي عنه بعض الأخوات الملتزمات لعلك تجدين نسخة منه تقدمينها هدية مغلفة لوالدك، وهو موجود على موقع الشيخ محمد حسين يعقوب، وقولي: (أتمنى -والدي الكريم- أن تستمع إلى هذا الشريط).
أنا واثق -بإذن الله تعالى- أنه لو استمع إليه هو أو أخوك فإن الأمر سوف يتغير بنسبة مائة بالمائة -بإذن الله تعالى- لأن المادة التي فيه مادة قوية، والطرح الذي فيه طرح رائع، وما يسمعه أحد إلا وتأثر به، بل ويبكي.
إذن هذا هو الحل الثاني.
يبقى الأمر الثالث: أتمنى أن تجلسي مع والدك جلسة خلوية بعيدة عن أي أحد من إخوانك, أو الوالدة, أو غير ذلك، وأن تسأليه هذا السؤال: وأتمنى أن تبدئي بأن تقبلي رأسه، وأن تقبلي يده، ثم يقول لك: ماذا بك يا ابنتي لماذا تفعلين هذا؟ قولي له (إني أخاف عليك -يا والدي- من عذاب الله تعالى؛ لأن الله تبارك وتعالى وعد تارك الصلاة بالعذاب الأليم، وأنا كلما رأيتك لا تصلي كلما تقطع قلبي ألما وحسرة؛ لأنك أعز إنسان لدي في الوجود, وأغلى إنسان في حياتي هذه، وأنا لا أريدك أن تصاب بشوكة, ولا بأدنى أذى، فما بالك إذا كان الله قد وعد تارك الصلاة بالعذاب الأليم في الآخرة).
حاولي بهذا الأسلوب الرائع الذي ذكرته, وبغيره من الكلمات العاطفية، والنداء الراقي مثل ما قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يا أبت}، وضميه إلى صدرك واحتضنيه بقوة، وقولي له: (إني أخاف عليك -يا والدي- من عذاب الله تعالى، كم يتقطع قلبي كل يوم وأنا أراك لا تصلي، وأسمع المنادي ينادي حي على الصلاة حي على الفلاح ولكنك لا تتحرك.
والدي العزيز: أرجو أن تقدر مشاعري، أنا لا أخاف على نفسي بقدر ما أخاف عليك، أنت أعز إنسان لدي في هذه الحياة، ولكن الشيطان قد زين لك هذا الأمر حتى أصبحت الصلاة بالنسبة لك لا تساوي شيئا).
ابدئي بوالدك وحده -بارك الله فيك- وبهذا الكلام العاطفي، وإذا كنت تعجزين عن الكلام مباشرة، وإن كنت أرى أنه مهم جدا، فلا مانع أن تكتبي رسالة لوالدك, وأن تبثي فيها كل همومك، وأن تشعريه بأنك تخافين عليه، وأنه أعز إنسان عندك، وأغلى إنسان في الحياة، وأنه أغلى عليك وأعز عندك من نور عينيك، وأنك تتمنين أن تعطيه حياتك إلى حياته ليعيش بدل الخمس وخمسين عاما مائة عام أو زيادة.
كلمات عاطفية حانية – يا بنيتي – أعتقد أنها ستذيب هذا الجليد الذي استقر في قلب والدك، وهذا الران الذي أطبق عليه، وإن كنت أرى أن الكلام المباشر سيكون أقوى, وأكثر تأثيرا، خاصة عندما تبكين بين يديه, وأنت تضمينه إلى صدرك, وتقولين (إني أخاف عليك عذاب الله، إن بطش الله شديد، وأنت أبي وحبيبي، وأنا كلما فكرت في شأنك كلما طار النوم من عيني، وكلما تنغصت علي الحياة، وأصبح الحلو في فمي مرا؛ لأني أخاف عليك، فأنت سندي وعوني بعد الله تعالى، وأنت نصيري، وأنت وكيلي بعد الله سبحانه وتعالى، وأنت كل شيء في حياتي، أتمنى لك الخير، ولذلك أنا أخاف عليك -يا والدي- وأخاف على أخي، ولكنك الأصل عندي، ولذلك أنا تكلمت معك لأني أعلم أنك حنون، وأعلم أنك رائع، وأعلم أن عقلك ممتاز، وأعلم أنك لن تضيع هذه الفرصة).
بمثل هذه الكلمات الحانية – ابنتي الكريمة – أعتقد أنك ستعيدين والدك إلى الحق، وستجعلينه من أهل الصلاة والطاعة، وعندما يتحرك والدك إلى الصلاة, ويعان على العبادة ستكون قضية أخيك قضية سهلة؛ لأنك أنت مع والدك تكونان وحدة واحدة, وفريق عمل واحد، وتبدآن في الاجتهاد على أخيك، وقطعا ومما لا شك فيه أن كلام والدك سيكون أكثر تأثيرا على أخيك.
إذن عليك بالدعاء، وعليك بهذا الشريط إن وجدته، وعليك بالخطوة الأخيرة وهي الأمر المهم الذي أتمنى أن يوفقك الله له، وأبشري بأن الله لن يضيع جهودك سدى, وسيمن على والدك بالصلاة -بإذن الله تعالى- في القريب العاجل.
هذا وبالله التوفيق.