السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوكم ساعدوني، فأنا فتاة قطعت صلاتي منذ حوالي 3 سنين، كنت في السابق ملتزمة أصلي صلاتي في وقتها وأصلي النوافل، أختم القرآن، وكنت في رمضان أختمه 5 مرات، أجاهد نفسي على الذنوب والمعاصي، ثم بدأ إيماني يضعف، وأصبحت أقصر في صلاتي، وكل فترة أجد نفسي تخليت عن عبادة حتى أضحى بي الحال منذ 3 سنوات بدون صلاة، ومن غير عبادة أقوم بها!
أجاهد نفسي أحيانا، وأصلي لمدة يوم أو يومين وأترك، وأقصى فترة صليتها هي في رمضان الفائت، تم تركتها من جديد، والله إن قلبي يتقطع وخائفة جدا من ملاقاة ربي، وأنا على هذا الحال المزري، أحاول كثيرا لكن لا أستطيع، أحس أن شيئا ما يمنعني، والله من كثرة ما أنا أرغب في العودة للصلاة.
كما أعلم أن دعاء المرأة عند الولادة مجاب، لم أدع ربي في تلك اللحظات إلا بأن يهديني، ويرجعني لسابق عهدي، وها قد مضى سنة و 8 أشهر على إنجاب طفلي، وما زلت على حالي، كرهت نفسي وما زاد من مشكلتي أني مغتربة، ليس لدي علاقات كثيرة عندما كنت في بلادي، كانت لي صديقة وبنات قريبات، كنا نتعاون على عباداتنا، ونتسابق فيها، ولكن الآن لم تعد الاتصالات بيننا كثيرة، فكل واحدة تزوجت وانشغلت.
بالله عليكم ساعدوني، أحس أنه لا فائدة مني، وأحس أني لا أستحق زوجي، فهو إنسان خلوق ومواظب على صلاته في المسجد، حاول معي مرارا وتكرارا حتى استسلم أخيرا، ولم يعد يفتح معي الموضوع.
اكتب رسالتي ودموعي على خدي، لم يعد هناك شيء يؤثر في، كل الأحاديث عن تارك الصلاة قرأتها، وكل دروس المشايخ سمعتها، قرأت معظم الاستشارات، أحس أن قلبي عليه غشاوة، لم يعد يخشع، ولا يخاف ولا يتأثر بشيء.
علما فأنا أخاف ربي كثيرا، وفي كل شيء أجاهد نفسي على البعد عن المعاصي، وأحس أن الله يحبني، فرغم كل تقصيري أحس أن ربي أعطاني ويعطيني كثيرا من الأشياء التي أحس أني لا أستحقها.
أريد منكم طريقة تساعدني على صلاتي، أرجوكم، وكيف أرقي نفسي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ SHARIFA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك سواء السبيل ويردنا إليه مردا جميلا.
الصلاة أيتها الكريمة شأنها عظيم، ومنزلتها عند الله تعالى كبيرة، ولذلك جعلها عمود هذا الدين، فعموده الصلاة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحديث، ويكفيك من شرفها أنها أول الفرائض العملية التي فرضها الله تعالى على عباده، وهي آخر وصية وصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم – قبل مماته، فقال قبل أن يفارق الدنيا: (الصلاة، الصلاة) أي الزموا الصلاة.
وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم – إذ قال: (أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر)، وهي أول الأوصاف التي وصف الله عز وجل بها المؤمنين المفلحين، فقال في أول سورة المؤمنون: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون} وختم أوصافهم أيضا بالصلاة فقال: {والذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}.
الحديث عن منزلة الصلاة يطول أيتها الكريمة، ولا شك أن الشيطان يحاول جاهدا أن يظفر من الإنسان بهذا المطلوب العظيم، وهو تضييعه للصلاة، فإن كثيرا من العلماء قد ذهبوا إلى أن من ترك فريضة واحدة حتى يخرج وقتها من غير عذر فإنه كافر بالله تعالى، وقد اتفقت كلمة المسلمين على أن ترك الصلاة عمدا حتى يخرج وقتها أعظم الذنوب بعد الكفر بالله تعالى، فهو أعظم من الزنى والسرقة وشرب الخمر.
كما أن المسلمين اتفقوا على أن فاعل هذا الذنب العظيم يستحق أن يقتل، ولكن اختلفوا كيف يقتل.
هذا كله أيتها الكريمة يبين لك فظاعة هذا الذنب الذي أنت مقيمة عليه، وأنه لا يبرر لك أبدا ما يحاول الشيطان أن يزينه لك من قسوة في قلبك، أو إصابتك بشيء من السحر، أو العين أو غير ذلك مما قد يحاول أن يهيئه لك.
من ثم فأنت مطالبة بأن تجاهدي نفسك، وتستعيني بالله تعالى للقيام بفرضه، ونحن على ثقة تامة بأنك إذا استعنت بالله ولجأت إليه فإنه سبحانه وتعالى سيتولى عونك.
ثم ما هي هذه الصلاة التي تحتاج منك كل هذا العناء وكل تلك المجاهدة؟ ما هي إلا أن تغسلي أعضاء الوضوء ثم تصلي لله تعالى ركعتين وقت الصبح، وأربع ركعات وقت الظهر، ومثلها في وقت العصر، وثلاث ركعات في المغرب، وأربع في العشاء، فأي جهد وأي عناء يصرفك عن القيام بهذا العمل، ليس إلا الغفلة والغشاوة التي تكون على القلب بسبب الذنوب والمعاصي.
أنت بحاجة أيتها الكريمة أن تستمعي إلى المواعظ التي تذكرك بالنار، وما فيها من أهوال وشدائد، وما فيها من غصص أعدها الله سبحانه وتعالى للعاصين، كما أنك بحاجة إلى أن تستمعي أيضا إلى المواعظ التي تذكرك بالقبر وأهواله وشدائده، ومنزلة الصلاة في الذب والدفاع عن الإنسان حين يوضع في قبره، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – : (إذا وضع العبد في قبره كانت الصلاة عند رأسه، فهي تدفع العذاب إذا جاءه من قبل رأسه، وتقول: ما قبلي مدخل).
اتق الله تعالى في نفسك أيتها الكريمة، ودعي عنك هذا الكسل، واستعيذي بالله تعالى من الشيطان وشره، وانتبهي لنفسك قبل أن تندمي حين لا ينفع الندم، فإنك ستتمنين الرجوع لأداء هذه الصلاة لكنك لن تستطيعي، قال تعالى: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون}، وقال تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}.
لا بأس أيتها الكريمة من أن تكثري من رقية نفسك، بأن تقرئي على نفسك الفاتحة وسورة الإخلاص والمعوذتين وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة، وتنفثي في يديك وتمسحي بها جسدك، فإن هذا نافع بإذن الله تعالى مما نزل من البلاء، ومما لم ينزل، لكن احذري أن يجعل الشيطان ذلك مسوغا لك ومبررا لتفريطك في هذه العبادة العظيمة، واحذري التسويف والتأجيل فإنك لا تدرين هل تعيشين إلى المساء، وإذا أمسيت هل تعيشين إلى الصباح؟
إن التسويف من أعظم جنود إبليس التي يتسلط بها على الإنسان المؤمن، فخذي نفسك بالعزم والجد، واعرفي قدر هذه العبادة التي كلفت بها، واعرفي قدر الجناية عند التفريط فيها والتضييع لها، ونحن على ثقة أيتها الكريمة بأنك إذا لجأت إلى الله تعالى وسألته أن يعينك على طاعته فإنه لن يخذلك، ومما يعينك على أداء هذه العبادة أن تحاولي دائما مجالسة الذكر والذاكرين، فاستمعي كثيرا إلى ذكر الله تعالى، وابحثي عن الرفقة الصالحة بقدر استطاعتك.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يهيء لك من أمرك رشدا، وأن يعيننا وإياك على طاعته.
والله الموفق.