ضقت ذرعاً بذنوبي الكثيرة، ما توجيهكم لأتوب منها؟

0 496

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، اقترفت كثيرا من المعاصي، من نمص وعادة سرية وأغان ونميمة وغيبة، وكلام مع شباب، وبعض الأحيان عقوق الوالدين، وبعض الأحيان كنت أنسى الصلاة لمدة شهور أحيانا، وأفكار في ذات الله، تأتي من كثرة الفراغ -أستغفر الله-.

صارت لي مشكلة، ومن كثرة الألم والعذاب النفسي -بكل معنى الكلمة- فكرت كثيرا بالانتحار من كثرة الألم الداخلي، وعدم الراحة النفسية، حافظت على الصلاة، وصرت أدعو لكن من دون إجابة، وانتبهت لنفسي، كنت أنمص وتركته، وتركت كل شيء من وقت قريب وتبت.

صرت أقرأ القرآن وأقوم الليل، لكن مازال في نفسي قلق، وعدم راحة، تركت كل شيء كنت أعمله، لكن مازلت غير مرتاحة، علما أني تبت من النمص، لكن رجعت! وهذه ثاني مرة أتوب فيها، والأغاني تبت منها عدة مرات لكن أرجع! فهل تقبل التوبة إذا تكررت؟

أصل إلى درجة أني أدعو على نفسي بالموت أهون من هذا الشعور والرعب الذي هو من غير سبب، ولا أعرف ما هو الشيء الذي عملته، أو أنه لابد فترة من الزمن حتى أعرف، لأني تبت منذ أسبوعين ومصممة ونادمة، وتعبت من كثرة المعاصي والمشاكل التي تصير لي من البعد عن ربي.

هل هذا يعني أنه الله غضبان علي كثيرا؟ أم مازال هناك ذنب غفلت عنه؟ مع أني راجعت نفسي أكثر من مرة، وأنا جدا خائفة، الرجاء أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سندس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أهلا بك ابنتنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يعفو عنك، وأن يغفر لك، وأن يبارك فيك.

ابنتنا الفاضلة: بلا تردد ولا تعثر ولا مقدمات، وبكل ثقة ويقين نقول لك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغ عن رب العزة: (يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة).

هل بلغت ذنوبك الأرض وارتفعت إلي السماء؟ ولو كان فلا تيأسي، فالله عز وجل أرحم وأجل من أن يرد عبدا ذهب إليه تائبا، إن باب التوبة مفتوح أمامك -أيتها الفاضلة- وباب الطهارة والنظافة والعفاف لا يغلق مادمت على قيد الحياة، أما سمعت بنفسك قول الله تعالى: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}؟

أبشري وأملي في الله خيرا، وأقبلي عليه بتوبة صادقة، واجعلي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) هدفا تسعين إليه، ومن قول الله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} أملا يدفعك إلى المزيد من الطاعات والعمل.

إن رحمة الله واسعة -ابنتي الفاضلة- فبادري بالتوبة، واخلعي عنك أوزار الماضي بكل ما فيه من سوء، وأقبلي على الله بقلب تقي نقي مشرق بالإيمان، وستعلمين ساعتها الفرق بين طريق التيه وطريق الهداية، طريق الغواية وطريق الهداية، طريق القلق والاضطراب، وطريق الأمن والاطمئنان: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وهذه بعض الوصايا أرجو أن تأخذيها بعين الاعتبار:

1- لا تنظري بتضخيم إلى ماضيك، ولا تقولي يا رب ذنبي كبير، ولكن ليكن شعارك: (يا ذنب ربي كبير).

2- لا تهوني مما قمت به حتى لا يدفعك ذلك إلى النكوص، فكما أن الله غفور رحيم كذلك هو شديد العقاب، ولله غضبة لا يقوم لها شيء، أعاذني الله وإياك وكل مسلم ومسلمة من غضبة الله جل وعلا.

3- تعجيل التوبة، وذلك بالكف عن هذه المعاصي، وبإعلانك التوبة والرجوع عن المعصية بينك وبين خالقك، قال تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}.

4- العزم على عدم العودة بأخذ الإجراءات العملية، كالبعد الكامل عن صديقات وأصدقاء السوء، وكل من كان يجرك إلى الهاوية جرا، ولعل أفضل وسيلة إلى ذلك تغيير رقم هاتفك وإيميلك، وكل ما يمكن لهؤلاء التواصل به إليك.

5- عدم التهاون في الصلاة، فعليك بالمحافظة على الصلاة المفروضة، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}.

6- التدين لا يعني الانغلاق والكآبة، بل عليك أن تمارسي حياتك الطبيعية، قال تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} ولا تشددي على نفسك في البداية بكثرة النوافل، فقليل دائم خير من كثير منقطع، فتعاملي مع نفسك برفق وهدوء وروية في الطاعة، فليس المطلوب المبالغة في كثرة النوافل، بل المطلوب الحرص على طاعة الله والبعد عن المحرمات والفواحش، وبهذا تكونين امرأة صالحة مع ممارسة حياتك طبيعية.

7- يستحب التعارف على بعض الأخوات العاملات في المجال الدعوي، والانخراط معهم على الأقل في حضور بعض المحاضرات، من دون أن تتضرري بذلك، أو يؤثر ذلك علي سير حياتك الضرورية.

8- ليس معنى التدين الخلو من المعاصي، فليس أحد معصوما، ولكن التدين يعني عدم تعمد الذنب، وعند الوقوع فيه سرعة التوبة واللجوء إلى الله عز وجل.

في الختام نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك وأن يعينك على طاعته، ونحن سعداء بتواصلك مع الموقع ابنتنا الفاضلة، والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات