السؤال
أنا شاب بدأت في موضوع الزواج، ولكن والد العروسة يبالغ في متطلبات الزواج، وخاصة أن والدها ميسور الحال، وأنا شاب مبتدئ في الحياة، وهذه المبالغة في متطلبات الزواج تتسبب في مشاكل كثيرة، وتتسبب في حالة من الزعل في العلاقة بين العائلتين، وعندما أفكر في الانفصال تتمسك العروسة بي، وتحاول أن تصبرني على كل هذا، فهي تحبني منذ 3 سنوات، وأنا أيضا، فهي متمسكة بي لأبعد الحدود، فماذا أفعل في ظل طلبات أبيها الكثيرة والعناد وأيضا، في ظل تمسك العروسة بي بشكل غير طبيعي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله الجليل جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.
إنه مما لا شك فيه أن ارتباط الفتاة بك وتمسكها بك وحرصها على أن تكون زوجا لها أمر يلقي بظلاله على قراراتك، لأنك تحبها وهي تحبك، وهي متمسكة بك كما ذكرت بشكل غير طبيعي، مما يجعلك تضحي من أجلها؛ لأن الحب كما تعلم قيمة عظيمة وعملة نادرة ما بين الناس، فإذا ما وجد الإنسان إنسانا يحبه ويعزه ويحرص على إسعاده فإنه سيضحي في سبيل ذلك بكل ما يمكن التضحية به، إلا أن والدها لعله لا يعرف هذه العلاقة ولا يراعيها باعتبار أنه لا يعرفها، ويتعامل معك كأي شخص عادي يريد أن يتقدم لفتاة والدها ميسور الحال.
حقيقة لا أجد هناك حلا أفضل من عرض واقعك على والدها، أن تبين له أن هذه الطلبات مرهقة وأنك لا تريد أن تبدأ حياتك الزوجية وأنت مثقل بكم هائل من الديون، ومن الممكن هذه الأمور يتم تداركها في المستقبل، وأنه من الممكن حتى وإن أراد أن يأخذ عليك أي التزامات في المستقبل على أن لا يرهقك الآن ولا يسبب لك حرجا بين أهلك.
أعتقد أن هذا من الممكن بهذه الكيفية كحل وسط، ونحن نلبي رغباته، ولكن في المستقبل نستطيع أن نوفي بها، ونقول إذا كانت هناك أي التزامات ضرورية فدعنا نتفاهم حولها ونتشاور بخصوصها، وحاول في كل مسألة أن تتكلم إذا كانت له وجهة نظر، فإذا وجدت أن فيها ظلما بالنسبة لك وإجحافا، فمن حقك أن تقول له بأني لا أستطيعها، وتتناقش معه، وتترك الأمر لله سبحانه وتعالى، لأنك في الأول وفي الآخر لم ولن تتزوج إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى، فإذا كان الله قد يسر وكتب لك نصيبا في هذه الفتاة فسوف تكون لك رغم أنف الدنيا كلها، أما إذا لم يقدرها الله تعالى لك، فسوف يتوقف هذا المشروع على أتفه الأسباب.
أتمنى أن لا ترهق نفسك، وأن تتكلم مع الرجل بكل صراحة وبكل وضوح، تقول له: (أنا حريص على الارتباط بابنتك، وحريص على زواجي بها، وحريص على ودكم ومصاهرتكم، وأنا فخور حقيقة بأنك قد قبلتني زوجا لابنتك، ولكن كما تعلم أن ظروفي لا أستطيع معها أن أوفر هذه الرغبات كلها، ودعنا نبدأ حياة على مستواي، وفي المستقبل -إن شاء الله تعالى– سوف يتم تيسير هذه الأمور كلها بسهولة ويسر، أما الآن فأنا لا أستطيع حقيقة أن أنفذ هذه الرغبات كلها، خاصة أنه من وجهة نظري أن فيها قدرا من المبالغة، ولا أستطيع أن أفعل ذلك، ولا أريد أن أدخل حياتي الزوجية بكم هائل من الديون، وأعرف أشخاصا منذ عشرات السنين من زواجهم إلى الآن مديونين بسبب زواجهم، وقد أنجبوا وما زالوا في ديون، وأنا حقيقة لا أريد ذلك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أكثرهن بركة أقلهن مؤونة).
اعرض عليه الكلام بهذه الطريقة، وأنصحك قبل أن تبدأ الكلام معه أن تصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، وأن تكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن تتوجه إليه للكلام معه، واعلم أن هذه أسلحة عظيمة جدا، ببركة الاستعانة به جل جلاله سبحانه.
اجتهد وخذ بالأسباب، وتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء، مع صلاة هاتين الركعتين مع البكاء له سبحانه أن يعطف قلب هذا الرجل عليك، وألا يعطل هذا المشروع، وألا يبالغ في هذه المتطلبات التي في الغالب قد تكون من باب الكماليات وليست من باب الحاجيات أو الضروريات.
استعن بالله تعالى واسلك هذا المسلك وخذ هذه الخطوة، وانظر ماذا سيفعل، فإذا وجدته مصرا فقل له: (لا مانع أن تأتي أنت بهذه الأشياء، وأنا أكتب لك ما تريد من المواثيق، فإذا ما يسر الله تعالى لي رددت إليك هذه الحقوق كاملة غير منقوصة، وكونك تعينني في ذلك قطعا أخف علي من أستدين أو أقترض من أشخاص آخرين، وقد تتعرض حياتي لبعض المشاكل في المستقبل).
إذا قبل منك ذلك فبها ونعمت، وإن لم يقبل فقل له أنا لا أستطيع مواصلة هذه الرحلة، ودعك حقيقة من ضغط هذه الفتاة إذا كنت فعلا ترى أن والدها متعنت وأنه مبالغ في متطلباته، بطريقة لو كان غيرك ما قبلها، أما إذا كانت المتطلبات معقولة فأنا أرى أن تحتسب الأجر عند الله تعالى، أو تضحي من أجلها، خاصة إذا كانت صاحبة خلق ودين كما أوصاك نبيك الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
أتمنى أخي إبراهيم أن لا تغفل جانب الله سبحانه وتعالى، لأنك كما لا يخفى عليك قد سمعت كلام نبيك المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء) فقد يكون الإنسان يكره إنسانا كراهية شديدة ولكن ببركة الدعاء تزول هذه الكراهية ويحل محلها الحب والود والوئام، وقد يكون العكس أيضا، وقد تكون هناك أمور معقدة فبالاستعانة بالله تعالى يتم تيسيرها، وهذا كثير جدا.
فعليك بارك الله فيك كما ذكرت لك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، وصلاة ركعتين كما ذكرت، ولو أمكن صيام يوم لكان خيرا، وأن لا ترهق نفسك في ديون، لأن هذه الديون حقيقة تثقل كاهل الرجل وتجعله يكره الحياة في المستقبل نتيجة الحرج الشديد الذي يسببه له الدين من تضييق قوت يومه.
وفقك الله ويسر لك أمرك، وقدر لك الخير حيث كان، هذا وبالله التوفيق.