السؤال
هل أعمالي مقبولة عند الله؟ فأنا لا أصلي إطلاقا, أنا أذكر الله كثيرا, وأنصح من لا يصلي بالصلاة, وأيضا أجعل من حولي يذكرون الله طوال فترة وجودهم معي, أي شخص يفعل أي فعل يغضب لله أجعله يتوقف عنه, لكن أنا نفسي لا أصلي, نعم أعلم أن من لا يصلي قد كفر، يخلد في العذاب، وأعتقد أيضا أنه في وادي سقر, ولا يجوز الدعاء له، ولا يجوز الصلاه عليه، وزواجه لا يجوز ...الخ.
لكن رغم كل هذا لا يمكنني الصلاة مهما حاولت, فهل أعمالي مقبولة رغم عدم التزامي بالصلاة؟
وشكرا جزيلا مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأهلا بك أخي الفاضل في موقعك إسلام ويب, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه.
وبخصوص ما سألت عنه فنحب إجابتك من خلال النقاط التالية:
أولا: بالنسبة لتارك الصلاة فلا يخفاك أخي الحبيب أن أهل العلم قد اختلفوا في حكم تارك الصلاة عمدا من غير أن ينكر وجوبها، فبعضهم كفره كفرا يخرج من ملة الإسلام، ويعتبرونه مرتدا, ويرون أنه يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب فيها فحسن؛ وإلا قتل لردته، وقالوا لا تجوز الصلاة عليه, ولا يدفن في مقابر المسلمين, ولا يسلم عليه حيا أو ميتا, ولا يرد عليه السلام, ولا يستغفر له, ولا يترحم عليه, ولا يرث, ولا يورث ماله, بل يجعل ماله فيئا في بيت مال المسلمين، سواء كثر تاركو الصلاة عمدا أم قلوا، فالحكم لا يختلف بكثرتهم وقلتهم, مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " وقوله صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه مع أحاديث أخرى في ذلك.
وبعضهم يرى أن من تركها كسلا مؤمنا بوجوبها فهو مرتكب كبيرة, غير أنه لا يخرج بها من ملة الإسلام, وتجب استتابته ثلاثة أيام, فإن تاب فالحمد لله, وإلا قتل حدا لا كفرا، وعلى هذا يغسل, ويكفن, ويصلى عليه, ويدعى له بالمغفرة والرحمة, ويدفن في مقابر المسلمين, ويرث ويورث، وبالجملة تجري عليه أحكام المسلمين العصاة حيا وميتا, وهذا يظهر لك عظم الأمر الذي تركته ومدى خطورته.
ثانيا: ثق أن في جوفك من الخير الشيء الكثير, وأنك محب لله ورسوله, ومريد للخير, وأنك غير راض عما أنت فيه, ومن داخلك تتمنى زوالها، ولكن تجهل طريقة ذلك، لذلك نوصيك أخي الحبيب أن لا تتعامل مع الصلاة على أنها تكليف, بل تعامل معها على أنها صلة تروح بها عن نفسك, ولقاء بينك وبين من تحب، لقاء بينك وبين الله عز وجل الذي خلقك فسواك فعدلك.
كما نوصيك أن تصحب بعضا من أهل الفضل والعلم, فإن المرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه, كذلك نوصيك بكثرة الدعاء بينك وبين الله أن يفتح قلبك لحب الصلاة, وأن يقويك على ذلك.
نسأل الله أن يحفظك, وأن يبارك فيك, وأن يصلح قلبك على الصلاة, إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونحن سعداء بتواصلك معنا والله الموفق.
++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار التربوي/ د. أحمد المحمدي
وتليه إجابة الشيخ/ موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++++++++++++++++
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يجعلك عالما متميزا متفوقا تخدم دينك وبلادك، وترفع راية الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.
وبخصوص ما ورد برسالتك –ابني الكريم– فأنا معجب بك، لأنه رغم صغر سنك إلا أنك تبحث عن الحق وتتحراه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك على خير, وأن فيك خيرا كثيرا، رغم أنك ذكرت أنك لا تصلي، إلا أني أقول لك أبشرك بأن صلاتك قريبة جدا، وأنك بإذن الله تعالى في أقرب وقت سوف تكون من الراكعين الساجدين، وأنا أتعجب منك رغم أنك تتمتع بصفات رائعة، تقول (أنا لا يمكن أن أصلي مهما حاولت) فأنا أتعجب لماذا؟ ولم تذكر سببا واحدا –يا ولدي عبد الرحمن–.
ولدي عبد الرحمن: هل سمعت في يوم من أيام عمرك أن إنسانا يعيش بغير قلب؟ هل سمعت أن سيارة تمشي بغير محرك وماكينة؟ قطعا ستقول لا، فأقول لك -ولدي الكريم الفاضل– يستحيل أن يكون مؤمنا بغير صلاة، ولا يوجد هناك ما يجعل المسلم لا يصلي، أو لا يؤاخذه الله على ترك الصلاة، لأنه حتى وإن كان -اللهم إلا إذا كان مجنونا- ذهب عقله وأصبح لا يدرك شيئا, وأصبح كالحيوان لا يعرف خيرا من شر ولا هدى, من ضلال ولا ظلاما من نور، في تلك الحال أقول لك: إن هذا قد رفع عنه التكليف ليس في الصلاة وحدها, وإنما في كل العبادات.
العلماء يقولون بأن العقل مناط التكليف، فتكليف الإنسان متوقف على العقل، فإذا كان العقل موجودا فلا بد له أن يؤدي العبادات التي كلف بها، أما إذا ذهب عقله فقد رفع عنه التكليف, ورفع عنه الحرج، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - :(رفع القلم عن ثلاث) وذكر منهم المجنون.
كونك تقول أنك تدعو الناس إلى الخير، هذه حجة عليك، هل من المعقول أن تكون جائعا تتعرض للموت الحقيقي ثم تقدم طعامك للناس يأكلونه؟! هل هذا منطق يا ولدي؟ هل من المعقول أن تكون عطشانا إلى درجة الموت والعجز عن الحركة ثم تقدم الماء للناس ليشربونه لتموت أنت عطشانا؟! من الذي قال ذلك (عبد الرحمن)؟ هذه كلها أفكار – يا ولدي – مردودة وليس لها أي حظ من الصحة, أو نصيب من التوفيق، ولذلك أتمنى إذا كنت لم تستجب لكلامي هذا هذه المرة أن ترسل لنا رسالة أخرى لتبين لنا ما هي العوامل التي تمنعك عن الصلاة، هل أنت تمارس معاصي أخرى تظن معها أن الله لن يقبل منك؟
يا ولدي: مهما كانت الذنوب والمعاصي التي يفعلها الإنسان فلا تبرر له أبدا تلك المعاصي مطلقا ألا يصلي، لأن الصلاة هي مفتاح الخير، وهي طريق الهداية، وهي النور، كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام -: (والصلاة نور) بل إن مجرد الذهاب إلى المساجد في الظلمات – أي في صلاة الفجر والمغرب والعشاء – يجعل الله لصاحبها نورا.
أنا لا أجد لك عذرا واحدا، لأن العلماء نصوا على أنه لا يوجد عذر واحد يرفع التكليف الشرعي عن المسلم البالغ العاقل، وما دمت عاقلا فلا عذر لك, من الممكن أن تخبرني بأي عذر وأنا سأتعاطف معك، وصدقني أنا لا أريد أن أضيق لك واسعا، فأنت تعلم حكم تارك الصلاة، وأنت ذكرت ذلك بنفسك، لا تحتاج إلى بيان أكثر من ذلك، ولكن تصور أن الصلاة هي العمل الوحيد الذي إن أداه الإنسان قد يغفر الله له بقية الذنوب والمعاصي، وفي نفس الوقت هي العمل الوحيد الذي إن تركه الإنسان أكبه الله على وجهه في النار.
ولذلك كما تعلم الحوار الذي دار بين المؤمنين والكفار أهل النار عندما سألوهم: {ما سلككم في سقر} قالوا: {لم نك من المصلين} فكانت الجريمة الأولى ترك الصلاة. إلى غير ذلك من النصوص التي تعرفها، والآيات التي لا تخفى عليك، والأحاديث التي سمعتها ألف مرة ومرة، والنبي - عليه الصلاة والسلام – يخبرنا بقوله: (أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن كانت كاملة كمل سائر عمله، وإن كانت ناقصة نقص سائر عمله).
فالصلاة – يا ولدي – كالقلب والروح للجسد، فإذا كان الإنسان تاركا للصلاة فهو قطعا ميت ولا قيمة له ولا وزن، ويا ليت الأمر يتوقف عند ذلك، وإنما سيحاسب على ذلك حسابا عظيما.
أنا أعلم أنك تخاف الله, وأعلم أنك تحب الله، والدليل على ذلك أنك تساعد من معك على ذكر الله تعالى والبعد عن المعاصي، ولكن ألم تسمع كلام الله: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} ولكن لا أجد لك عذرا ولدي عبد الرحمن، ورب الكعبة لا أجد لك عذرا واحدا – لا أنا ولا غيري من أهل العلم جميعا – لأن ترك الصلاة أعظم جريمة في حق الله تبارك وتعالى، لأن الصلاة حق الله الأكبر الأعظم الذي هو الركن العملي بعد توحيده سبحانه وتعالى.
ولذلك أقول لك (يا ولدي): كم أتمنى أن تبدأ من الآن ولو في صلاة فرض واحد، ما رأيك (عبد الرحمن) أن نبدأ بصلاة فرض واحد كل يوم كصلاة الصبح مثلا أو الظهر أو غيره، ابدأ وحاول، حاول وإن استحيت أن تذهب إلى المسجد فصل في البيت، صلاة واحدة، وجرب يا ولدي، وأنا واثق أنك ستنجح، وأتمنى أن تتواصل معنا في الموقع، لأننا جميعا في انتظارك وفي شوق إليك يا ولدي.
والله الموفق.