السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باختصار وبكل صراحة ووضوح أنا أرى أني إنسانة فاشلة جدا، فقد فشلت في أداء كافة أدواري، سواء دور الابنة أو الزوجة أو الأم أو حتى دور الصديقة أو الأخت أو حتى الجارة، فأنا أرى نفسي مقصرة في كل هذا، فكيف أكون أكفأ في أداء أدواري هذه إن كان دوري الأساسي كعبدة لله تعالى دور ناقص؟ فأنا أقصر في عباداتي، فأنا لا أؤدي صلاتي في وقتها، بل أحيانا تذهب علي بعض الصلوات وبالأخص صلاة الصبح والعشاء، ولا أقرأ القرآن كثيرا، حتى لساني لا أراه رطبا بذكره.
مع العلم بأني لم أكن كذلك قبل الزواج، لا أعلم إن كان هذا بسبب انشغالي بالحياة ومشاكلها والأولاد الصغار أم ماذا؟
أرجوكم ساعدوني، فأنا ألوم نفسي دائما، وأشعر بتأنيب الضمير باستمرار، وأشعر أن نفسي وزوجي وأولادي وحتى أهلي وصديقاتي يضيعون من بين يدي، وأخاف أن يأتي يوم أجد نفسي وحيدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا.
اطمئني طالما أنك تشعرين بتأنيب الضمير، وبالرغبة في الإصلاح، فما هذا إلا مؤشر لحسن الإيمان، حماك الله ويسر لك الخير والفلاح.
لا شك أنه وضع صعب جدا أن يشعر الإنسان بأنه فاشل وغير ناجح، إلا أننا وفي كثير من الأحيان نجد أنفسنا نحمل فكرة ما عن أنفسنا، وربما من حادث أو موقف سلبي واحد أو من طريقة التربية التي تلقيناها من أسرتنا، ومن ثم نضخم هذه الفكرة ونعممها، مستنتجين بأننا غير أكفاء، وأن عندنا الكثير من النقص، ونبقى أسرى لهذه الفكرة لسنوات وسنوات، وهي في الواقع غير دقيقة، ونحن لسنا مضطرين لنبقى أسرى لهذه الفكرة!
من أسرنا في هذه الفكرة وهذا الانطباع؟
نحن من أسر نفسه في هذه الفكرة أو هذا السجن، أم وضعنا فيه الآخرون، إلا أننا قبلنا بهذه الفكرة وجعلناها الأصل!
والمشكلة أننا عندما نحمل مثل هذه الفكرة فإننا نبدأ نتصيد الحوادث والمواقف التي تؤكد هذه الفكرة، ولا نعود نرى أو نتجاهل أو نقلل من أهمية الأحداث والمواقف الإيجابية الكثيرة التي تمر في حياتنا، والتي هي عكس هذه الفكرة، فلا نراها ولا نعطيها وزنا، مما يعزز عندنا هذه الفكرة، ولا نعود نرى مخرجا منها.
وسأذكر هنا الحقيقة الكبيرة في حياتنا، أننا نحصل من الحياة ما نتوقعه منها، فماذا نتوقعه من الحياة؟ وماذا نتوقع من الناس؟
إننا إذا توقعنا أن نكون من المتفوقين والناجحين فسنرى الحوادث والمواقف المؤيدة لهذا التوقع تحيط بنا من كل جانب، وكذلك إذا ما توقعنا عكس هذا.
فهيا - يا أختي الفاضلة-، افتحي باب السجن هذا، فمفتاحه في يديك، وفي يديك فقط، أقبلي على الحياة على أنها فرص كبيرة متاحة لك ولغيرك للعمل وللنجاح، وسترين كيف أنها كذلك من حولك في كل جانب، وكما تتوقعين، أقبلي على الحياة بتفاؤل، وكما قال الرسول الحبيب "تفاءلوا بالخير تجدوه"، ولا شك أن الله سيثيبك الأجر والثواب على حرصك على طاعته والتقرب إليه، وكما ورد في سؤالك.
وهذا لا يمنعك طبعا من العمل على التخلص من سلبيات الماضي، والسعي للنجاح في الجوانب المختلفة، و-إن شاء الله- ما هو إلا وقت قصير حتى تجدين نفسك تتابعين طريق نجاحك، وخاصة بما وهبك الله من الحرص على الخير والصلاح.
وفقك الله، وجعلك من الناجحات في الجوانب المختلفة لحياتك كابنة وزوجة وأم وصديقة وأخت وجارة.