السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله كل الخير، ونفع الله بكم أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
أنا –الحمد لله- ملتزمة، وأحاول بقدر الإمكان أن أبتعد عن ما يغضب ربنا، لكني سريعة الغضب.
والنقطة الثانية: لدي أب لا يصلي أبدا، ويفعل كل ما هو حرام، وكأنه ليس لدي أب فقد حرمت من الأبوة، ولم أشعر يوما من الأيام بالإحساس بأن لي أبا حنون، وأفتقد هذا الشيء، لكن الحمد لله على كل حال، ومن صغرنا وهو في مشاكل دائمة معنا ومع أمي، ومستمرة إلى الآن، حتى إخواني كلهم لا يحبونه أبدا، حتى أننا نلعنه وندعو عليه، ونحن لا نريد هذا لكنه يدفعنا إليه –والعياذ بالله-، لكننا نخاف من أن يعاقبنا الله مع أننا ملتزمون وصالحون –والحمد لله-، فماذا نفعل؟
وكلما حاولنا أن نبتعد عنه ونتجنبه يأتينا ويخرب علينا، لا نتحمله أبدا، تعبنا من كل هذا مما يؤدي للمشاجرة والضرب.
أنا حزينة لهذا، ولا ندري ماذا نفعل؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله، بالله عليك بماذا تنصحنا؟ لأن كل الأساليب لا تنفع معه أبدا، ونحن بداخلنا نغضب منه، أفدنا يا شيخ أفادك الله.
وجزاك ربي خيري الدنيا والآخرة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، ونحن سعداء بتواصلك معنا في موقعك.
وبخصوص ما سألت عنه فنجيب عن الأول: وهو علاج سرعة الغضب، فنقول ابتداء -أختنا الفاضلة-:
اعلمي -حفظك الله- أن الغضب نزعة من نزعات الشيطان، ووسيلة من وسائله، وننصحك ابتداء بالابتعاد عن كل أمر يغضبك، فإذا أحسست بأمر سيغضبك فاجتهدي في تغيير الحوار أو المكان، ولا تتبعي الشيطان في ذلك، لكن إذا غلبك الأمر وأصابك هذا الشيء، فعليك بما يلي:
أولا: الاستعاذة بالله من الشيطان، وهذا ما يجب عليك ابتداء فعله، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الغضب يسكن حين الاستعاذة، فعن سليمان بن صرد قال: كنت جالسا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجلان يستبان، فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه -عروق من العنق-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله، سكن غضبه).
ثانيا: البعد عن الكلام والالتزام بالصمت، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب أحدكم فليسكت) ذلك أن الكلام يتطور الأمر معه.
ثالثا: كسر القوة الدافعة للغضب، ونعني به تغيير الوضع الذي أنت عليه والذي يدفعك للرد والانتقام، فالوقوف أمر محفز، فإذا قعدت انكسرت تلك الحدة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)، قال العلامة الخطابي -رحمه الله- في شرحه على أبي داود: (القائم متهيئ للحركة والبطش، والقاعد دونه في هذا المعنى، والمضطجع ممنوع منهما، فيشبه أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أمره بالقعود والاضطجاع، لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد).
وبالنسبة لموضوع الوالد -هداه الله-، فنقول لك ابتداء -أختنا الفاضلة-: إن الكره الذي وجدتموه ليس لشخص الوالد لكن للمعاصي التي يأتيها، والبغض للمعصية لا يدفعك إلى الحزن، لكن نوصيك بما يلي:
1- نرجو منكم ابتداء الدعاء الكثير للوالد بأن يهديه الله عز وجل، والاجتهاد في ذلك، فكل وسيلة تعين والدك، أو تظنين أنها تعينه على ترك ما حرم الله، أو التقليل من الشر، فيجب عليك فعلها بلا تردد.
2- ابتعدوا –حفظكم- الله عن سب الوالد، أو الدعاء عليه أو لعنه، فهذا كله محرم ولا يجوز، وتأثمون على ذلك، فابتعدوا -رحمكم الله- عن ذلك.
3- الوالد له في الشريعة -حتى لو كان كافرا- حق الصحبة بالمعروف، كما قال الله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}.
4- لا تيأسوا من صلاح الوالد، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء.
نسأل الله أن يهدي والدك، وأن يصرف عنك الغضب.
والله الموفق.