السؤال
السلام عليكم
أعاني من ضغط نفسي شديد عندما أخلو مع نفسي أو مع أحد يفهمني، أفضفض بالبكاء الشديد، وأشعر بتحسن بعدها، بسبب ما تعرضت له، تم فسخ خطوبتي من الشخص الذي أحبه ويحبني بشدة، لكن بسبب المشاكل مع زوجته الأولى، وبسبب مرضه الشديد، تنازل عني وقام بفسخ عقدنا دون علمي، وفوجئت بورقة الطلاق تصل إلى البيت، أصبت بصدمة، ولم أتمكن من إظهار أهمية الموقف أمام أسرتي حتى لا أقلقهم، كانت لي أحلام مرتبة، ومزاجي الرائق وحبي للحياة، وموعد الزفاف، لكن كل شيء ضاع، أعرف أنه أقدار من الله -والحمد لله-، ولكن لا أعرف ماذا يحصل لي، هل هو تأنيب ضمير أني قد أكون سببا في مرضه؟ أو سببا في فشل زواجنا؟
للعلم أنا مؤمنة بالنصيب، وأحمد الله بكل وقت، لكن أفقد قوتي بعض الأوقات بالبكاء والتفكير، أثناء النوم وعندما أخلو بنفسي خاصة، أخاف على صحتي أن تتأثر إذا لازمتني هذه الحالة، بسبب إعادة شريط الذاكرة يصيبني الإحباط والألم الشديد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم كريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا، والفضفضة لنا.
ليس بالموقف السهل أبدا عندما يبني الإنسان قصرا، ثم يكتشف أنه قصر من رمل! لقد خططت وفكرت وحلمت، وإذا بالظروف تسير في غير هذا الاتجاه، ومما يزيد الموضوع تعقدا وصعوبة، أن مجتمعاتنا لا ترحم، وكذلك أسرنا أحيانا، فبدلا من أن يكونوا عونا لنا، وبكل حسن قصد ونية أحيانا، فإنه يزيدون في همنا وصعوباتنا.
طبعا لن أكرر عليك ما تفكرين فيه من أن الأمر قسمة ونصيب، فأنت مؤمنة بهذا، ولكن ومع ذلك فإننا نجد صعوبة وألم أحيانا في التعايش مع هذا الواقع، لعلك تعلمين أن علماء النفس قد صنفوا أحداث الحياة على درجات بحسب شدتها، وبحسب ما تسببه لنا من ضغط وتوترات، وأن الطلاق أو الانفصال أو الافتراق من الأمور الشديدة الوقع على النفس، مما يجعل الشخص وكما ذكرت في أول السؤال، أنك تعانين من ضغط نفسي شديد.
مما يعين أن تذكري أن هذا حدث كبير، ونعم الإيمان والتسليم يخفف، إلا أنه يبقى هنا شيء من الألم والحرقة والضغط، ولكن إن اعتبرت أن هذا ضغط من ضغوطات الحياة، فمن المفيد أن تأخذي فترة "نقاهة" للتعافي مما حدث، وليجعلك هذا أكثر قدرة على متابعة الطريق، واستقبال قابلات الأيام بحماس وهمة كبيرين، الرسول الحبيب –عليه السلام- يقول لنا جميعا: (إن لنفسك عليك حق)، فاعتني بنفسك، ونمي هواياتك، أو استعيديها إن كنت قد تركتيها في الفترة الماضية عند الانشغال بالخطبة، والتخطيط وبناء الآمال، من المفيد أن تكون لك بعض الهوايات والاهتمامات الخاصة بك أنت، وهي ليست بالضرورة لغيرك، كالرسم، والدروس وتعلم اللغات، وتصميم الديكور، والطبخ، والكمبيوتر، والرياضة، والتصوير، هوايات كثيرة تعبرين من خلالها عن شخصيتك، وتتيح لك اللقاء بالناس، واستعادة شخصيتك التي كنت عليها قبل هذه التجربة الأليمة التي مررت بها.
إن الله تعالى قد يغلق أمامنا بابا ليفتح لنا بابا أو أبوابا أفضل، لا تسرعي وتقبلي على أي مشروع آخر من هذا النوع، حتى تشعري بالراحة والطمأنينة، لأن الخشية أن تقدمي على أي شيء لمجرد أن "تهربي" مما حدث، ولتقابلي الناس بوجه آخر، وقد يكون هذا على حساب ما تريدين وما تميلين إليه.
وفقك الله، وكتب لك التوفيق والسداد والسعادة في هذه الدار قبل الآخرة.