الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ندمت على زواجي وأحن لمخطوبتي السابقة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

كنتُ متقدمًا لخطبة فتاة، لكنها ظهرت لي في اللقاء الأول بمظهر غير جيد، كما أن بعض الناس حذروني من أهلها، وعلمتُ أنها كانت مصابة بالسحر بسبب أهلها، ورغم ذلك، لم أتخذ قرار الرفض، بل طلبت جلسة ثانية، لكنهم تأخروا في الرد حينها.

بعد ذلك، ذهبت لخطبة فتاة أخرى، ووجدت قبولًا بيننا، لكنها كانت قصيرة القامة، وعندما سألت أهلي عنها، أخبروني أنها ليست قصيرة، فقررت رفض الفتاة الأولى، ووافقت على الزواج من الفتاة الثانية، ثم تزوجتها.

مشكلتي الآن أني أشعر بندم شديد على رفضي للفتاة الأولى، ولا أستطيع النوم بسبب تفكيري أنني تسرعت في الرفض، ورأيتها بعد فترة في الطريق، وبدت لي جميلة جدًا، فحزنتُ أكثر، لأنني لم أمنح نفسي فرصة إضافية للتفكير.

دائمًا أفكر: بأني لو لم أكن متسرعًا، لكانت معي الآن، ولكانت أفضل من زوجتي، وأشعر بالضيق كلما رأيت طول زوجتي (152 سم)، بينما كانت الفتاة الأخرى مناسبة لي من حيث الشكل والطول والمكانة الاجتماعية.

ماذا أفعل الآن؟ كيف يمكنني الاستمرار في العيش بدون هذا الندم المستمر، وهذا التفكير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك التواصل والاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يجعلنا وإيَّاك ممَّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، ونسأل الله أن يُرضيك بما رزقك من الحلال، وأن يُعينك على طاعة الكبير المتعال.

إذا رُزق الإنسان بزوجة؛ فعليه أن يحمد الله تبارك وتعالى ويتوقّف عن النظر لغيرها، والتفكير في غيرها، واعلم أن ما حصل من تقدير الله -تبارك وتعالى- وأن هذا الكون مِلْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، فلا تقل "لو كان كذا كان كذا"، ولكن قل: "قَدَرُ - أو قدَّر - الله وما شاء فعل"، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان، والشيطان همّه أن يُحزن أهل الإيمان، فتعوّذ بالله من شرِّه.

لا تُفكّر في ما ليس عندك، بل فكّر في زوجتك الحلال، تذكّر ما فيها من جميل الخصال، واعلم أن أي امرأة على وجه الأرض فيها إيجابيات ولها سلبيات، وكذلك نحن معشر الرجال، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، فاجتهد في إحصاء ما في زوجتك من الحسنات، والصفات الجميلة والأشياء الرائعة، واحمد الله على ذلك، وغض الطرف عن غيرها من النساء، واعلم أن الشيطان يُزيّنُ للإنسان الحرام دائمًا، ويأتيه بالمرأة المتبرجة فيُزيّنها عنده، لكنَّ العاقل يتفكّر في جمال زوجته وكونها بالحلال، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

إذًا هذا التفكير في غير مكانه، وينبغي أن تغض بصرك، وتذكّر إيجابيات الزوجة -زوجتك الحلال- وهنيئًا لمن رزقه الله الحلال فاكتفى به ورضيَ به.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُعينك على قبول ما قدّره الله -تبارك وتعالى- لك، واعلم أن الذي يُقدّره الله هو الخير، كما قال عمر بن عبد العزيز: "كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار"، وكما قال عمر: "لو كُشف الحجاب ما تمنّى الناس إلَّا ما قُدّر لهم"، فالخير كل الخير في هذه الزوجة التي هي معك الآن.

نسأل الله أن يُعينك على الوفاء والقيام بواجباتك تجاهها، وأن يجمع بينكما على الخير، وأن يُعينكم جميعًا على طاعة الله.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً