السؤال
السلام عليكم..
أنا شاب عندي28 سنة، مغترب وقد كتبت كتابي قريبا بفتاة ملتزمة دينيا وأخلاقيا، مكتملة الصفات، أحبها حبا جما، لا أرى أجمل منها في هذا الكون، وهي تنظر لي كذلك، ولكن بحكم عملي أختلط كثيرا بالنساء، وأتعرض لكثير من المواقف من غزل ومحاولات صداقة، وتحرش في بعض الأحيان، ولا أخفي عليكم بأنني قد بدأت أميل لذلك بالرغم من عدم تقصير زوجتي في حقي، ولا نقصا في حبي لها.
كذلك توجد فتاة تطاردني عن طريق موقع التواصل الاجتماعي، وتجاوبت معها، وتحدثنا سويا بالكاميرا، وجلست تشيد بي بوجهي وجسمي، حتى أصبحت أفكر فيها، مع علمي الشديد وندمي على ذلك، وخيانتي لزوجتي التي لا تستحق ذلك أبدا.
حيث إني قد عزمت العزم بأن أرجع لسابق عهدي من الحفاظ على الصلوات كاملة، وقراءة القرآن والكتب الدينية، وقيام الليل، ومع كل عزم منها أصادف باختبارات من ذاك القبيل، وأفشل تماما في اجتيازها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يبارك لك في زوجتك، وأن يبارك لها فيك، وأن يجمع بينكما على خير، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد في رسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أشعر من خلال رسالتك أنك تقابل الإحسان بالسيئة، وتقابل الخير بالشر، وتقابل العفة والحياء بالخيانة والمعصية، وهذا أمر قد لا يستمر طويلا؛ لأنه كما تعلم من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم).
إذا كان الإنسان منا رجلا عفيفا فاضلا فإن الله تبارك وتعالى يكرمه بصيانة أهله وعرضه، أما إذا كان يفعل أشياء لا ترضي الله سبحانه وتعالى فقد يعرض الله عرضه للخطر، ولذلك أنت بذلك تدمر كل شيء، تدمر نفسك أولا، وتدمر زوجتك ثانيا.
هذه المرأة التي تحبك هذا الحب الشديد والتي رأيت فيها كل خير، كيف تتخلى عنها وتتكلم مع غيرها، وتتعلق بهم وتميل إليهم، سواء أكن زميلات العمل، أو تلك التي تتواصل معها عبر الإنترنت.
أخي الكريم: يجب عليك أن تنتبه وأن تفيق من غفلتك، وأن تتقي الله تعالى، حتى وإن اضطر الأمر إلى ترك العمل في هذه المؤسسة أو هذا المكان، والبحث عن عمل آخر بعيدا عن هذه المعاصي؛ لأنك ستفقد دينك، وقد تسقط من عين الله تبارك وتعالى، فلا يبالي الله بك في أي واد هلكت، وفوق ذلك أيضا سوف تفقد زوجتك؛ لأن الإنسان منا إذا تمرأ المعصية حتى وإن تزوجها لن يكون سعيدا ولا هانئا معها؛ لأنك تعودت أن تكون وسط شلة النساء ووسط المغازلات والتحرش، ووسط الكلمات المثيرة والعبارات الرقراقة، وهذا قد لا تستطيع امرأتك أن تقوم به كله؛ لأنك تعودت أن تستمع أكثر من جهة، وتحيى على أكثر من مائدة، وكلها موائد ليست لك، ولا يحل لك هذا ولا لهم، ولكن الشيطان يزين هذه الأمور نتيجة الاختلاط غير المنضبط والذي حذر منه الشرع.
عليك أن تتقي الله تبارك وتعالى، وأن تبحث عن عمل آخر، وأن تترك هذا العمل فورا حياء من الله تعالى، وتوبة إليه وإنابة، ثم صيانة لعرضك وزوجتك التي تنتظرك أن تكون زوجا لها، وأن تكون تاجا على رأسها.
الحل -بارك الله فيك-: ترك هذه البيئة الفاسدة، ولا بد من ذلك ولا خيار أمامك، حتى وإن كنت ستفقد عملك؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرك بترك المعصية وهجرها، وأمرك ألا تصاحب إلا المؤمنين الصادقين، وأن تعلم أن هذا الرجل الذي قتل مائة نفس عندما أراد أن يتوب أوصاه هذا العالم بأن يترك البيئة الفاسدة وأن يذهب إلى البيئة الطيبة ليعبد الله معهم.
لا بد لك إذا كنت صادقا في توبتك وتريد أن تحافظ على زوجتك من ترك هذه البيئة التي تفسد عليك دينك ودنياك، وتفسد عليك علاقتك بربك ومولاك، وكذلك تفسد علاقتك بأهلك وزوجك.
عليك بأخذ هذا القرار، وأعلم أنه يحتاج إلى تضحيات كبرى، وقد يصل إلى أن تعمل في مكان آخر، ولكن اعلم أن الله قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه).
أسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن تعجل باتخاذ هذا القرار في أقرب فرصة، وأن يعوضك الله خيرا عما ستترك.
هذا وبالله التوفيق.