توفيت طفلتي ورزقنا الله بابن بعدها ولكني لست قادرة على نسيانها

0 226

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابنتي توفيت وعمرها سنتان ونصف، والحمد لله ربنا رزقنا بولد، لكني غير قادرة على نسيان ابنتي، لأنها كانت كل شيء في حياتي، وأبكي عليها دوما، وأستغرب كيف لطفلة أن تتحمل خروج الروح؟ لأن النبي –صلى الله عليه سلم- قال: (إن للموت لسكرات) فنفسيتي تتعب أكثر، رغم أنه أول ما توفاها الله كنت صابرة جدا وصليت ركعتي شكر، أدعو الله أن يعطيني توأمي بنات مثلها ويعطيهم العمر الطويل، أو هل يمكن أن يمتن بالطريقة نفسها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هويدا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: نسأل الله أن يصبرك على ما ابتلاك به، وأن يكتب أجرك، ولا يخفاك –أختنا- أنه لا حيلة لنا إلا الصبر، فإن جزعنا أصابنا الهلع والمرض وضاع منا الأجر، ولن يعود من رحل عنا، وإذا صبرنا رزقنا الله الخير وثبت أجرنا، ولا يخفاك –أختنا- أن المسلم يعتقد أن الله تعالى يفعل ما يشاء ويختار، ويحكم لا معقب ‏لحكمه، كما قال: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} وأن الله عز وجل عدل لا يظلم أحدا من خلقه مثقال ذرة، كما قال: {وما ربك بظلام للعبيد}، وقال: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ولا يفعل الله أمرا إلا بحكمة، قد تخفى عنا لكنا نؤمن قطعا أن الحكمة لا تفارق قضاء الله .

ثانيا: لا يخفاك -أختنا الفاضلة- أن من صبر أجره من الله عز وجل ومن ذلك: بيت لك في الجنة، وكذلك ستشفع لك الفتاة حتى تدخلك الجنة -إن شاء الله-، المهم الصبر والتمسك بما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: (أرسلت ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه إن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب).

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الله تعالى: (ما لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة).

وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في قصة وعظ الرسول -صلى الله عليه وسلم- للنساء، قال لهن فيما يقول: (ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار، فقالت امرأة: واثنين، فقال: واثنين). وعن قرة بن إياس -رضي الله عنه- أن رجلا كان يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه ابن له فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: تحبه؟ قال: نعم يا رسول الله أحبك الله كما أحبه، ففقده النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما فعل فلان بن فلان؟ قالوا يا رسول الله مات، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبيه: ألا تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟ فقال رجل يا رسول الله: أله خاصة أم لكلنا؟ قال: بل لكلكم).

وفي رواية للنسائي قال: كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلس جلس إليه نفر من أصحابه، فيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه ففقده النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما لي لا أرى فلانا؟ قالوا: يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه ثم قال: يا فلان أيما كان أحب إليك أن تتمتع به عمرك أو لا تأتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لهو أحب إلي قال: فذاك لك) والروايتان صححهما الألباني.

وفي الحديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله بفضل رحمته إياهم الجنة، قال: يقال لهم: ادخلوا الجنة فيقولون: حتى يدخل آباؤنا فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم) رواه النسائي وصححه الألباني. وروى مسلم في الصحيح عن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: (إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا، قال: نعم صغارهم دعاميص الجنة (أي صغارهم) يتلقى أحدهم أباه، أو قال أبويه فيأخذ بثوبه أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى أو قال: فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة).

ثالثا: ثقي أن الله سيعوضك الخير على صبرك، فقد روي عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم إني قلتها فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) رواه مسلم.

رابعا: لا شك أن الشيطان لن يسلمك –أختنا- من غير تكدير لحياتك وتذكيرك بأمور قد انتهى أمرها، فأغلقي الباب عن هذه الوساوس فرحمة الله بطفلتك أعظم من رحمتك عليها ، ولو خيرت طفلتك اليوم بالعودة إليك وترك ما أعدها الله لها من خير لاختارت ما عند الله عز وجل، نحن واثقون أنك مؤمنة وأنك ستتجاوزين تلك المحنة وستغلقين باب الشيطان عنك أملا في أخذ الأجر من الله.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات