السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة مسلمة، ولكنني -للأسف- في فترة من الفترات قصرت في صلواتي، فلم أؤدها، حتى تراكمت علي، ولا أعلم عددها أو أي الفروض كانت، فما حكم الشرع في ذلك؟ وكيف أستطيع قضاءها؟ وأنا لا أعلم العدد، ولا أتذكر الفرض.
وأحيانا أنام عن الصلاة مع قدرتي على الاستيقاظ، فما الحل لأنني أشعر بقسوة القلب؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يوفقك في حياتك كلها، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك فيه أن الصلاة من أهم عوامل الاستقرار النفسي، والأمان الروحي، والتوفيق الدنيوي، لأن الله -تبارك وتعالى- يجعلها صلة بينه وبين عبده، فإذا ما قام العبد يصلي فإن الله -تبارك وتعالى- يفتح عليه بفتوحات لا يعلم مداها إلا من تعود الصلاة فعلا، والإنسان عندما تكون علاقته مع والديه مقطوعة، فإنه يشعر بنوع من الألم وتعطيل أموره، لماذا؟ لأنه لا يتواصل مع أصحاب الفضل عليه، فما بالك لو انقطعت علاقته مع الله التي حياته بيده، والذي ضره ونفعه بيده سبحانه وتعالى؟! ولذلك ترك الصلاة من أكبر الجنايات التي يقع فيها الإنسان المسلم، سواء كان رجلا أو امرأة.
والحمد لله أن الله -تبارك وتعالى- لم يجعلك من تاركي الصلاة بالكلية، لأنك تعلمين أن ترك الصلاة بالكلية يؤدي إلى الخروج من الملة -والعياذ بالله تعالى-، وكونك قصرت في السنوات السابقة من عمرك، والآن حاولت أن تتداركي، فهذا يدل على أن الله ما زال يحبك، وأنه يحب لك الخير، وإلا ما أعانك على العودة إليه مرة أخرى، لأن الله غني عن عبادة العابدين وعن صلاة المصلين وعن ذكر الذاكرين، لأنه قال: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} وقال: {إن الله لغني عن العالمين}.
ودائما – يا بنيتي – المحتاج هو الذي يذهب إلى الغني ويسأله ويقف ببابه، والله -تبارك وتعالى- هو الغني -جل جلاله سبحانه-، وحياتنا متوقفة على إرادته - سبحانه وتعالى جل جلاله – وقدرته واختياره.
ومن هنا فإنني أقول: بالنسبة للصلوات التي مرت عليك، اجتهدي في السنن، أو اجتهدي بأن تصلي مع كل صلاة، صلاة على قدر استطاعتك، واقدري كم مثلا قصرت من صلوات، وصلي مع كل فرض فرضا قصرت فيه، يعني إذا صليت الظهر فصلي صلاة ظهر أخرى، وكذلك العصر، وهكذا، ولا تشقي على نفسك، فإن وجدت نفسك لديك طاقة، ولديك نشاط ،صليت صلاة بعد الصلاة التي صليتها، هذه الأولى هي صلاة الفريضة، والثانية هي بنية القضاء، حتى يغلب على ظنك أنك قد أديت الصلاة التي تركتها.
وهذا حقيقة هو الرأي الراجح من أقوال أهل العلم، لأن هذا دين يجب قضاؤه، فإذا عليك القضاء قدر الاستطاعة، كما قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم} فاجتهدي في ذلك على قدر استطاعتك، إذا لم يتيسر لك ذلك فأكثري من السنن، لأن هناك من يقول بأن السنن تجبر هذه الفروض.
كونك أحيانا تنامين عن الصلاة مع إرادتك: هذا يدل على ضعف إيمانك، وهذا أمر يلحق بك ضررا، وتصوري أن هذا النوم الذي نمته قد يكون آخر نومة نمتها، فإذا معنى ذلك لو توفاك الله في هذه النومة فستموتين على عمل سيء -والعياذ بالله تعالى- ولعلك تظلين في العذاب إلى يوم القيامة، ثم بعد ذلك يكون هناك عقاب آخر بين يدي الله تعالى.
ولذلك قال الله -تبارك وتعالى- عن أهل النار: {ما سلككم في سقر}؟ فكان أول معصية ذكروها: {قالوا لم نك من المصلين}. فتصوري - يا بنيتي - الآن أنك نمت وأنت تاركة للصلاة، وتوفاك الله تعالى، فماذا ستقولين لله؟ فاجتهدي، وقاومي هذه السلبية التي عندك، ودائما تذكري أن هذه النومة قد تكون آخر نومة في حياتك، فحاولي ألا تنامي إلا بعد أن تكوني قد أديت حق الله تعالى.
وعليك بالدعاء والإلحاح على الله أن يعينك على الصلاة، ويعينك على الطاعة، لأن الله -تبارك وتعالى- إذا أعانك قمت بكل شيء، وإذا لم يعنك الله تعالى، لن تستطيعي أن تقومي بشيء من هذه العبادات أبدا، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، واطلبي من والديك أن يذكراك – خاصة الوالدة – بالصلاة، حتى تعينك على ذلك أيضا، وأيضا حاولي أن تنظمي أوقاتك، وحاولي أن يكون لك صحبة طيبة تعينك على طاعة الله تعالى، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأبشري بفرج من الله قريب.
أسأل الله التوفيق والسداد.